الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأيضا فقولك: "يعرض نفسه على الحقائق الكونية المعدومة في نفسها المشهودة أعيانها في علمه" كلام باطل، فإن الله لا يعرض نفسه على شيء، ولا يتجلى لكل شيء، وإنما يتجلى لأوليائه يوم القيامة في الجنة كما جاءت الآثار الصحيحة، ويتجلى أيضا لعباده في عرصات القيامة. وقد قيل: إن محمدا رآه ليلة أسري، وأما من سوى محمد صلى الله عليه وسلم فلا يراه بعينه في الدنيا، كما ثبت في صحيح [ ص: 406 ] مسلم عن النواس بن سمعان أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الدجال قال: "إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت". وكذلك روي في حديث عبادة ومعاوية وغيرهما: "واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا" . ومن قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج فإنه لا يقول: إنه تجلى له، فإن التجلي كمال الظهور، ولم يكن الأمر كذلك، بل قد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لأبي ذر: لو رأيت النبي صلى الله عليه وسلم لسألته، قال: عما كنت تسأله؟ قال: كنت أسأله هل رأيت ربك؟ فقال: قد سألته فقال: "نور أنى أراه"! وفي رواية: "رأيت نورا". فهذا من يثبت الرؤية يقول: أراد نفي العين، لأن نوره أعشى بصره، ومن ينفيها يحتج به على نفيها، فقد اختلف أهل السنة -واختلفت الرواية عن الإمام أحمد - هل يقال: رآه بعيني رأسه أو بعيني قلبه، أو يقال: رآه ولا يقيد؟ على ثلاثة أقوال هي ثلاث روايات عند أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية