الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكذلك من لغيره عليه حقوق، كالزوجة والأولاد والجيران، فقد ذكر الله الحقوق العشرة في قوله: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم . فبدأ سبحانه بحقه، كما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: "يا معاذ! أتدري ما حق الله على عباده"؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، يا معاذ! أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك"؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "حقهم عليه أن لا يعذبهم".

فكلما ازدادت معرفة الإنسان بالنفوس ولوازمها وتقلب القلوب، وبما عليها من الحقوق لله ولعباده، وبما حد لهم من الحدود - علم أنه لا يخلو أحد عن ترك بعض الحقوق أو تعدي بعض الحدود. ولهذا أمر الله عباده المؤمنين أن يسألوه أن يهديهم الصراط المستقيم في اليوم والليلة في المكتوبة وحدها سبع عشرة مرة، وهو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ومن يطع الله ورسوله فهم هؤلاء. [ ص: 48 ]

فالصراط المستقيم طاعة الله ورسوله، وهو دين الإسلام التام، وهو اتباع القرآن، وهو لزوم السنة والجماعة، وهو طريق العبودية، وهو طريق الخوف والرجاء. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته : "الحمد لله نستعينه ونستغفره" لعلمه أنه لا يفعل خيرا ولا يجتنب شرا إلا بإعانة الله له، وأنه لا بد أن يفعل ما يوجب الاستغفار.

التالي السابق


الخدمات العلمية