وقول القائل كلام صحيح، إذ حقه بوجوب طاعته، فله بمثل أجرها بخلاف الوالد كما تقدم. "حق النبي صلى الله عليه وسلم أوجب من حق الوالد"
وأما أزواجه أمهات المؤمنين فلهن من الاحترام ما ليس لأم الوالدة، ويحرم نكاحهن كما يحرم نكاح أم الولادة، لكن أم الولادة ذات محرم يجوز الخلوة بها والنظر إليها والسفر معها، كما يجوز لسائر ذوات المحارم. وأما أمهات المؤمنين فلا يجوز ذلك في حقهن؛ إذ هن أمهات في الحرمة لا في المحرمية.
وأما قول القائل: "هلا فعل ذلك أبو بكر " فكلام صحيح، وأما قول الآخر "وما يدريك قد فعله وعمر حين ضحى عنه" فليس بجواب صحيح، فإنا نعلم أنه لم يكن يفعل ذلك لا علي ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان وتضحية علي إن صح الحديث فيها فإنما فعله بإذنه كما تقدم، ومثل هذا لا نزاع فيه، فإنه من باب النيابة عن الوصي، وقد تقدم أن نفس حديث التضحية ما [ ص: 277 ] يدل على أنه لا يفعل هذا وأمثاله بغير إذنه، فإن في الحديث علي، قال: رأيت حنشا الصنعاني يضحي بكبشين، فقلت له: ما هذا؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاني أن أضحي عنه، فأنا أضحي عنه. عليا فسؤال أن حنش دليل على أنه لم يكن من المعروف عندهم أن تفعل العبادات البدنية أو المالية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجواب علي له بقوله لعلي دليل على أنه إنما فعل ذلك لأجل الوصية، وأنه لو لم يوصه لم يفعل ذلك. ولو كان هذا ونحوه مما يفعل بوصية وبغير وصية لكان علي يجيب بهذا الجواب أيضا، فإنه يكون أعم فائدة وأقطع لسؤال السائل، لأنه هو الذي نقل أنه وصاه، وأما كون ذلك يفعل عنه فدليل هذا يشترك فيه علي غيره، ثم كان ينتفع بذلك في جميع العبادات أو في العبادات المالية. "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاني أن أضحي عنه"