مسألة
في رجل إمام مسجد: هل يجوز له أن يكبر أحد خلفه من المؤتمين؟ أو يواضب على السجدة في فجر كل جمعة؟ أو يدعي هو والمؤتمين عقب كل صلاة؟ أفتونا يرحمكم الله ويوفقكم للصواب.
الجواب
الحمد لله. لا يشرع الذي يسمى التبليغ لغير حاجة باتفاق الأئمة، فإن الجهر بالتكبير خلف الإمام لم يكن يبلغ خلف النبي صلى الله عليه وسلم هو ولا غيره، ولم يكن يبلغ خلف الخلفاء الراشدين، لكن لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس مرة وصوته ضعيف، فكان بلالا يصلي إلى جنبه يسمع الناس التكبير. فاستدل العلماء بذلك على أنه أبو بكر مثل ضعف صوت الإمام ونحو ذلك، فأما بدون الحاجة فاتفقوا على أنه مكروه غير مشروع. [ ص: 316 ] يشرع التبليغ عند الحاجة،
وتنازعوا في بطلان صلاة من يفعله على قولين، والنزاع في الصحة معروف في مذهب مالك وغيرهما، مع أنه مكروه باتفاق المذاهب كلها. وأحمد
وأما في فهذا ليس من سنة الصلاة الراتبة، ولم يكن يفعله النبي صلى الله عليه وسلم. وقد استحسنه طائفة من العلماء من أصحاب دعاء الإمام والمأمومين بعد الصلاة جميعا رافعين أصواتهم أو غير رافعين، الشافعي في وقت صلاة الفجر وصلاة العصر، لأنه لا صلاة بعدها، وبعض الناس يستحبه في أدبار الخمس. لكن الصواب الذي عليه الأئمة الكبار أن ذلك ليس من سنة الصلاة، ولا يستحب المداومة عليه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعله هو ولا خلفاؤه الراشدون، ولكن كان يذكر الله عقيب الصلاة ويرغب في ذلك، وأحمد كما ثبت في ذلك الأحاديث الصحيحة: حديث ويجهر بالذكر عقيب الصلاة، المغيرة بن شعبة وغير ذلك. وعبد الله بن الزبير
والناس في هذه المسألة طرفان ووسط:
منهم من لا يستحب ذكرا ولا دعاء، بل بمجرد انقضاء الصلاة يقوم هو والمأمومون كأنهم فروا من قسورة، وهذا ليس بمستحب.
ومنهم من يدعو هو والمأمومون رافعين أيديهم وأصواتهم. وهذا أيضا خلاف السنة. [ ص: 317 ]
والوسط هو اتباع ما جاءت به السنة من الذكر المشروع عقيب الصلاة، ومكث الإمام يستقبل المأمومين على الوجه المشروع. لكن إذا دعوا أحيانا لأمر عارض كاستسقاء أو استنصار أو نحو ذلك فلا بأس بذلك، كما أنهم لو قاموا ولم يذكروا لأمر عارض جاز ذلك ولم يكره، وكل ذلك منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد كان في أكثر الأوقات يستقبل المأمومين بوجهه بعد أن يسلم، وقبل أن يستقبلهم يستغفر ثلاثا ويقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام". وأحيانا كان يقوم عقيب السلام إذا عرض له أمر، كما قام مرة يخطب خطيبا للناس، وقال: وكان يجهر بالذكر، كقوله: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". "ذكرت ذهيبة كانت عندنا، فكرهت أن تبيت عندي".