[ ص: 351 ] وسئل الشيخ -رحمة الله عليه-
عن رجل يشتري القمح في زمان الصيف من الجند وغيرهم، فإن ذلك الوقت يرى الجند الشرى من عندهم صدقة مما عليهم من الديون وقلة الطالب للقمح، ثم يخزنه المشتري إلى زمان الشتاء، فيطلب فيه ما رزقه الله من الفائدة، فيمسك يده عن بيعه حتى يكثر طالبه. فهل هذا محتكر أم لا؟ ولا بد أن يرى في قلبه حب للغلاء، فهل يأثم بذلك أم لا؟ وهل ترك ذلك خير أم لا؟
وعن فهل يفسد صومه أم لا؟ رجل رأى في المنام أنه يجامع، ولم تدركه اللذة الكبرى والإنزال إلا بعد أن استيقظ،
أفتونا مأجورين.
فأجاب -رضي الله عنه- عن ذلك وقال:
الحمد لله. أما ما ذكر من فتركه خير من فعله، فإنه يورثه محبته ارتفاع السعر، وأن يجمع المال من عموم المسلمين. اشتراء القمح وخزنه
قال إن مالا جمع من عموم المسلمين لمال سوء. ولكن هذا عند طائفة من العلماء إذا كان من البلاد الكثيرة القمح الرخيصة السعر إذا لم يضر ذلك أهلها لا يحرم، بخلاف ما إذا كان شراؤه وخزنه يضر أهل المكان، فإن هذا احتكار محرم، [ ص: 352 ] كما ثبت في صحيح أحمد: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مسلم ومن قال بتحريم هذا الاحتكار أخذ بعموم هذا الحديث، وقوله متوجه. "لا يحتكر إلا خاطئ".
وأما إذا رأى في منامه أنه يجامع ولم ينزل حتى استيقظ، فخرج منه الماء بغير اختياره، فإن هذا لا يفطر كما لا يفطر إذا أنزل في منامه، لأن الماء خرج منه بغير اختياره. وإذا خرج منه المني بغير سعي منه ولا عمل لم يفطر، كما لو ذرعه القيء فخرج منه القيء بغير اختياره فإنه لا يفطر، وإنما يفطر من استمنى واستقاء. ولهذا لو غلبه الفكر حتى أنزل لم يفسد صومه باتفاق الأئمة، بخلاف ما إذا ففي فساد صومه قولان للعلماء: أحدهما يفسد، وهو مذهب استدعى الفكر حتى أنزل، مالك في أحد القولين، اختاره وأحمد أبو حفص والآخر لا يفطر، وهو مذهب وابن عقيل. أبي حنيفة والقول الآخر من مذهب والشافعي ، اختاره القاضي أحمد أبو يعلى وطائفة.
وأما إذا كرر النظر حتى أنزل، فإنه يفسد صومه في مذهب مالك ، بخلاف مذهب وأحمد أبي حنيفة فإنهما لا يريان الفطر إلا أن ينزل بمباشرة كالقبلة ونحوها. والله تعالى أعلم. [ ص: 353 ] والشافعي،