الباب الثاني في شرائه وبيعه صلى الله عليه وسلم
وفيه أنواع :
الأول : في بيعه :
روى عن البخاري -رضي الله عنه- قال : جابر بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا من أصحابه أعتق غلاما له عن دبر ولم يكن له مال غيره ، فباعه بثمانمائة درهم ثم أرسل ثمنه إليه .
وروى والأربعة عنه ، قال : مسلم جاء عبد فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الهجرة ، ولم يشعر صلى الله عليه وسلم أنه عبد ، فجاء سيده يريده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنيه ، فاشتراه بعبدين أسودين ، ثم لم يبايع أحدا بعد ذلك حتى يسأله «أعبد هو» ؟
وروى البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه عن والدارقطني عبد المجيد بن وهب -رحمه الله تعالى- قال : العداء بن خالد -رضي الله تعالى عنه- ألا أقرؤك كتابا كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اشترى منه عبدا أو أمة ، لا داء ولا غائلة ، ولا خبثة ، بيع المسلم المسلم . قال لي
الثاني : في ذكر من اشتراه صلى الله عليه وسلم :
روى الأربعة وصححه الترمذي سويد بن قيس -رضي الله تعالى عنه- قال : جلبت أنا ومخرمة العبدي برا من هجر ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فساومنا من شراء سراويل ، وعندنا وزان يزن بالأجر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للوزان : زن وأرجح . عن
وروى الإمام أحمد وابن ماجه وأبو داود عن والنسائي أبي صفوان مالك بن عميرة -رضي الله تعالى عنه- قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يهاجر ، فاشترى مني رجل سراويل فأرجح لي .
وروى برجال ثقات ، الطبراني والإمام أحمد عن وأبو داود ، -رضي الله عنهما- ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى عيرا قدمت فربح فيها أوقية فتصدق بها على أرامل بني [ ص: 7 ] عبد المطلب وقال : «لا أشتري شيئا ليس عندي ثمنه» .
وروى -رضي الله تعالى عنه- قال : ابن عمر فكان يغلبني فيتقدم أمام القوم فيزجره لعمر ، ويرده ، ثم يتقدم فيزجره عمر ويرده ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عمر «بعنيه» ، قال : هو لك يا رسول الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بعنيه» ، فباعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «هو لك يا لعمر : تصنع به ما شئت» . عبد الله بن عمر ، كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على بكر صعب
وروي عن -رضي الله عنهما- قال جابر بن عبد الله المدينة أتيته بالجمل ونقدني ثمنه] . كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت على جمل [لي قد أعيا ، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فضربه ، فسار سيرا ليس يسير مثله] ، ثم قال : «بعنيه بوقية» ، قال : فبعته ، فاستثنيت حملانه إلى أهلي ، فلما قدمت
وروى بإسناد صحيح الإمام أحمد وعبد بن حميد عن والحاكم -رضي الله عنها- قالت : عائشة وفي لفظ : ابتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب جزورا أو جزائر بوسق من تمر الذخرة -والذخرة العجوة- فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته فقال له يا عبد الله ، إنا قد ابتعنا منك جزورا أو جزائر بوسق من تمر الذخرة ، فالتمسنا فلم نجد ، قال : فقال الأعرابي ، واغدراه واغدراه! فاتهمه الناس وقالوا : قاتلك الله! أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عبد الله ، إنا ابتعنا جزائرك ، ونحن نظن عندنا ما سمينا لك فالتمسناه فلم نجده ، فقال الأعرابي واغدراه ، فاتهمه الناس ، وقالوا : قاتلك الله! أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالا ، فردد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا ، فلما رآه لا يفقه عنه ، قال لرجل من أصحابه : اذهب إلى فقل لها : رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك : إن كان عندك وسق تمر من تمر الذخرة فأسلفيناه ، حتى نؤديه إليك إن شاء الله ، فذهب إليها الرجل ، ثم رجع الرجل ، فقال : قالت : نعم ، هو عندي يا رسول الله ، فابعث من يقبضه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل : اذهب فأوفه الذي له ، قال : فذهب به ، فأوفاه الذي له ، قالت : فمر الأعرابي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه ، فقال : جزاك الله خيرا فقد أوفيت وأعطيت وأطيبت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خيار عباد الله عند الله الموفون المطيبون . خولة بنت حكيم بن أمية ، بل أنت يا عدو الله أغدر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالا ، ثم دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا
[ ص: 8 ] الثالث : في اختياره صلى الله عليه وسلم موضع السوق
روى من طريق الطبراني الحسن بن علي بن الحسن بن أبي الحسن البراد -يحرر حاله- عن أبي أسيد -رضي الله تعالى عنه- أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بأبي أنت وأمي ، يا رسول الله ، إني قد رأيت موضعا للسوق ، أولا تنظر إليه ؟ قال : بلى ، فقام معه حين جاء موضع السوق ، فلما جاءه أعجبه ، وركضه برجله ، وقال : نعم سوقكم ، فلا ينقض ولا يضربن عليكم خراج .
ورواه بلفظ : ابن ماجه ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق النبيط فنظر إليه ، وقال : ليس لكم هذا بسوق ، ثم ذهب إلى سوق ، فقال : هذا ليس لكم بسوق ، ثم رجع إلى هذا السوق فطاف فيه ، ثم قال : هذا سوقكم ، فلا ينتقض ولا يضرب عليه خراج .
الرابع : في دخوله صلى الله عليه وسلم السوق ، وما كان يقوله إذا دخله ، ووعظه أهله :
وروى أبو بكر أحمد بن عمر في كتاب البيوع والحاكم في المستدرك وابن أبي عاصم عن والطبراني بريدة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل السوق ، قال : «بسم الله» وفي لفظ : إذا خرج إلى السوق ، قال : «اللهم إني أسألك من خير هذا السوق وخير ما فيها ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ، اللهم إني أعوذ بك أن أصيب فيها يمينا فاجرا وصفقة خاسرة» .
وروى عن الطبراني -رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس «إن الله تعالى باعثكم يوم القيامة فجارا إلا من صدق وبر وأدى الأمانة» . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى جماعة من التجار ، فقال : يا معشر التجار ، فاستجابوا له وأمدوا أعناقهم ، فقال :
وروى برجال ثقات إلا الطبراني محمد بن إسحاق الغنوي -فيحرر حاله- عن -رضي الله تعالى عنه- قال : واثلة بن الأسقع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلينا وكنا تجارا ، وكان يقول يا معشر التجار ، إياكم والكذب .
وروى عن طريق الطبراني محمد بن أبان الحنفي ، عن بريدة -رضي الله تعالى عنه- [ ص: 9 ] قال : «اللهم إني أسألك من خير هذه السوق وخير ما فيها ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ، اللهم إني أعوذ بك أن أصيب فيها يمينا فاجرة أو صفقة خاسرة» ، وفي رواية : اللهم إني أعوذ بك من شر هذه السوق ، وأعوذ بك من الكفر والفسوق . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى السوق قال :
وروى ابن ماجه وقال : حسن صحيح ، عن والترمذي ، رفاعة بن رافع -رضي الله تعالى عنه- قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فإذا الناس يتبايعون ، فقال : يا معشر التجار ، فاستجابوا ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه ، فقال : التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله عز وجل وبر وصدق .
وروى الإمام والأربعة عن أحمد قيس بن أبي غرزة البجلي -رضي الله عنه- قال : بالمدينة ، وكنا نسمى السماسرة ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمانا باسم هو أحسن ، وفي لفظ : فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع ، فقال : «يا معشر التجار» ، فسمانا بأحسن أسمائنا : إن البيع يحضره الحق والكذب ، وفي لفظ : إن الشيطان والإثم يحضران السوق ، وفي لفظ : إن هذه السوق يخالطها اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة . كنا نبتاع
الخامس : في وإنكاره على من غش تعاهده صلى الله عليه وسلم السوق ، ودخوله لحاجة ،
وروى برجال ثقات عن الطبراني -رضي الله تعالى عنه- قال : أنس خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السوق فرأى طعاما مصبرا ، فأدخل يده فيه ، فأخرج طعاما رطبا قد أصابته السماء ، فقال لصاحبه : ما حملك على هذا ؟ قال : والذي بعثك بالحق إنه لطعام واحد ، قال : أفلا عزلت الرطب على حدته ، واليابس على حدته ، فيبتاعون ما يعرفون ، من غشنا فليس منا .
وروى عن الطبراني رضي الله عنه قال- أبي موسى- ليس منا من غشنا . انطلقت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق البقيع ، فأدخل يده في غرارة ، فأخرج طعاما مختلفا أو قال مغشوشا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
وروى عن ابن ماجه أبي الحمراء -رضي الله تعالى عنه- قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بجنبات رجل عنده طعام في وعاء فأدخل يده فيه ، وقال : لعلك غششت ، من غشنا فليس [ ص: 10 ] منا .
وروى مرفوعا عن الترمذي -رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس ورواه عنه بسند صحيح موقوفا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الكيل والميزان : إنكم قد وليتم أمرا هلكت فيه الأمم السالفة قبلكم ،
وروى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن وابن ماجه ، -رضي الله عنه- أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في السوق على صبرة طعام ، فسأله كيف تبتاع ؟ فأخبره ، فأوحي إليه أن أدخل يدك فيه ، فأدخل يده فيه فإذا هو مبلول ، فقال : «ما هذا يا صاحب الطعام» ؟ فقال : يا رسول الله ، أصابته السماء ، قال : «أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ، من غشنا فليس منا» .
وروى عن الإمام أحمد -رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عمر
وروى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام قد حسنه صاحبه ، فأدخل يده فيه ، فإذا هو طعام رديء ، فقال : «بع هذا على حدة وهذا على حدة ، فمن غشنا فليس منا» . البخاري عن والترمذي -رضي الله تعالى عنه- قال : أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسوق ، فقال رجل : يا أبا القاسم ، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنما دعوت هذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «تسموا باسمي ، ولا تكنوا بكنيتي» .
وروى الشيخان عن -رضي الله تعالى عنه- قال : أبي هريرة الحديث . خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة النهار لا يكلمني ولا أكلمه حتى أتى سوق بني قينقاع ، ثم انصرف .
السادس : في اشترائه الحيوان متفاضلا وامتناعهم من التفسير
روى عن أبو داود -رضي الله تعالى عنه- جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى عبدا بعبدين .
وقد روى مسلم وابن ماجه والإمام أحمد وأبو داود وقال : حسن صحيح عن والترمذي ، -رضي الله تعالى عنه- أنس صفية بسبعة أرؤس من دحية الكلبي . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى
[ ص: 11 ] وروى الإمام أحمد برجال الصحيح ، عن والطبراني أبي سعيد ، برجال الصحيح ، والطبراني عن وأبو داود أبي هريرة ، عن والطبراني ابن عباس ، عن والبزار علي ، عن والطبراني أبي جحيفة عن فضلة ، والطبراني والإمام أحمد عن وابن ماجه -رضي الله تعالى عنهم- قالوا : أبي سعيد الخدري أما تسعر لنا ؟ غلا السعر بالمدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ،
وفي رواية : قوم لنا سعرنا .
وفي رواية : فقال الناس : يا رسول الله ، سعر .
وفي رواية : وفي رواية : أن رجلا جاء ، فقال : يا رسول الله ، سعر ، فقال : بل ادعوا ، ثم جاءه رجل فقال ، يا رسول الله ، هلا تسعر لنا! وفي رواية : أن رجلا جاء فقال : يا رسول الله ، سعر ، فقال : بل ادعوا ، ثم جاءه رجل فقال : يا رسول الله ، سعر ، وفي رواية : بل الله يرفع ويخفض ، وفي رواية : لو قومت لنا السعر ، فقال : إن الله تعالى هو المسعر القابض الباسط ، وفي رواية : ولا نفس ولا مال ، وفي رواية : إن الله هو المقوم والمسعر ، إني لأريد أن ألقى الله وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في عرض ، لا يسألني الله تعالى عن سنة أحدثتها عليكم لم يأمرني بها ، ولكن أسأل الله تعالى من فضله .