الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثامن : في إلحاق الولد وغير ذلك :

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن ماجه عن ابن عمر والنسائي عن ابن مسعود والشافعي وأحمد والستة إلا أبا داود عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- والأئمة إلا الترمذي عن أبي أمامة - رضي الله تعالى عنهم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «الولد للفراش ، وللعاهر الحجر» [ ص: 192 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمامان الشافعي والحميدي وابن أبي شيبة وأبو يعلى والبيهقي والطحاوي والضياء عن عمر- رضي الله تعالى عنه- قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأئمة إلا الترمذي عن عائشة والإمام أحمد والنسائي والدارقطني عن عبد الله بن الزبير قال : قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها- : أن عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص : أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك ، فلما كان عام الفتح أخذه سعد فقال : إنه ابن أخي ، وقال : عبد بن زمعة : إنه أخي ، فتساوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد : يا رسول الله ، إن أخي كان عهد إلي فيه ، وقال عبد بن زمعة : أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو لك يا عبد بن زمعة ، الولد للفراش وللعاهر الحجر .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأئمة إلا الدارقطني عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ولدي غلام أسود وهو يعرض بأن ينفيه فلم يرخص له في الانتفاء ، فقال : «هل لك من إبل ؟ » قال : نعم ، قال : «ما ألوانها» قال : حمر ، قال : «هل فيها من أورق» قال : نعم ، قال : «فأنى تراه» قال : عسى أن يكون نزعه عرق ، قال : «وهذا عسى أن يكون نزعه عرق» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو - رضي الله تعالى عنهما- قال : قام رجل ، فقال : يا رسول الله ، إن فلانا ابني عاهر بأمة في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا دعوة في الإسلام ، ذهب أمر الجاهلية ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا مساعاة في الإسلام» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الستة والدارقطني عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليهما مسرورا تبرق أسارير وجهه ، فقال : «أي عائشة ألم تري أن مجززا المدلجي دخل فرأى أسامة وزيدا وعليهما قطيفة قد غطيا رأسيهما وبدت أقدامهما ، فقال : إن هذه الأقدام بعضها فوق بعض» [ ص: 193 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى عن ابن عمرو- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن كل مستلحق استلحق بعد أبيه الذي يدعى له ادعاه ورثته ، فقضى أن كل من كان من أمة يملكها يوم أصابها فقد لحق بمن استلحقه ، وليس له مما قسم قبله من الميراث شيء ، وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيبه ، ولا يلحق إذا كان أبوه الذي يدعى له أنكره ، وإن كان من أمة لم يملكها أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحق به ولا يرث ، وإن كان الذي يدعى له هو ادعاه فهو ولد زنية من حرة كان أو أمة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي عن رافع بن سنان أنه عندما أسلم أبت امرأته أن تسلم فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ابنتي وهي فطيم أو شبهه ، وقال رافع : ابنتي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «اقعد ناحية» وقال لها : «اقعدي ناحية» قال : وأقعد الصبية بينهما ، ثم قال : «ادعواها» فمالت الصبية إلى أمها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اللهم اهدها» فمالت الصبية إلى أبيها فأخذها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشافعي وأحمد والأربعة عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ، إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد نفعني وسقاني من عذب الماء وفي لفظ من بئر أبي عنبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا غلام ، هذا أبوك ، وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت» فأخذ بيد أمه فانطلقت به .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أم عطية- رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا تحد المرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوبا عصبا ، ولا تكتحل ، ولا تمس طيبا إلا إذا طهرت نبذة من قسط وأظفار» ، وفي لفظ «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت إلا على زوج» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي وابن ماجه عن عائشة والإمام أحمد ومسلم عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس : «ألا توطأ حامل ، حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبيهقي وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» [ ص: 194 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن عقبة بن الحارث أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز ، فأتته امرأة فقالت : إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج ، فقال عقبة : لا أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني ، فأرسل إلى آل أبي إهاب ، فاسألهم ، فقالوا : ما علمنا أنها أرضعت صاحبتنا فركبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسألته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «كيف وقد قيل ؟ ففارقها فنكحت زوجا غيره» وفي لفظ : «إنها كاذبة» ، قال : «كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما دعها عنك» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام مالك وأحمد عنه ومسلم والأربعة عن جدامة بنت وهب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى سمعت أن فارس والروم يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن هند بنت عتبة أنها قالت : يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل شحيح ، ما يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه ، فهل علي في ذلك جناح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ابدأ بمن تعول ، المرأة تقول : إما أن تعطيني ، وإما أن تطلقني ، ويقول العبد : أطعمني أو بعني ويقول الولد أطعمني إلى من تدعني» ، قالوا : يا أبا هريرة ، هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته قال : «لا , هذا من كيس أبي هريرة » .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه النسائي : ابدأ بما تعول فقيل : من أعول يا رسول الله ؟ قال : «امرأتك تقول : أطعمني أو فارقني ، وخادمك يقول : أطعمني أو بعني ، وولدك يقول : إلى من تتركني» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية