الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              التاسع : في سيرته صلى الله عليه وسلم في التحكيم

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني بسند ضعيف عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : كان بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام فقال : «أجعل بيني وبينك عمرا» فقلت : لا ، فقال : «أجعل بيني وبينك أباك» قلت : نعم .

                                                                                                                                                                                                                              العاشر : في حجره صلى الله عليه وسلم على المفلس

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني عن كعب بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ بن جبل ماله وباعه بدين كان عليه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي عمر عن عدي بن عدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى على إنسان لم يوجد وفاء ، ووجد بعض غرمائه سلعته عنده وأقره ، وقضى بأن يأخذ متاعه إن وجده .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام مالك عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقض الذي باعه من ثمنه شيئا ، فوجده بعينه ، فهو أحق به ، فإن مات المشتري فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء» .

                                                                                                                                                                                                                              وهو مرسل هنا ، وقد وصله أبو داود عن إسماعيل بن عباس الزبيدي عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، والزبيدي هو محمد بن الوليد أبو الهذيل ، وحديث إسماعيل عن الشاميين صحيح .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن عمرو بن خلدة قال : أتينا إلى أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في صاحب لنا أفلس ، فقال : لأقضين فيكم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه فهو أحق به» .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 169 ] وروى الطبراني من طرق عن كعب بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال كان معاذ بن جبل شابا جميلا من خير شباب قومه لا يسأل شيئا إلا أعطاه حتى أدان دينا أغلق ماله ، وفي لفظ «أحاط ذلك بماله ، فقال معاذ : يا رسول الله ما جعلت في نفسي حين أسلمت أن أبخل بمال ملكته ، وإني أنفقت مالي في أمر الإسلام والمسلمين ، فأبقى ذلك علي دينا عظيما ، فادع غرمائي فاسترفقهم فإن أرفقوني فسبيل ذلك ، فإن أبوا فاجعلني لهم من مالي ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم غرماءه فعرض عليهم أن يرفقوا به فقالوا : نحن نحب أموالنا ، وفي لفظ : فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم غرماءه فلم يضعوا له شيئا ، فلو ترك لأحد بكلام أحد لترك لمعاذ بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يبرح حتى باع ماله كله ، وقسمه بين غرمائه ، فقام معاذ لا مال له ، فلما حج بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن .

                                                                                                                                                                                                                              وفي لفظ : حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل وباعه بدين كان عليه .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية