وفيه أنواع :
الأول : في أمره صلى الله عليه وسلم في إجابة الدعوة :
روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- أنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم ، وإن شاء ترك» .
الثاني : في أمره صلى الله عليه وسلم بإكرام الضيف :
روى البخاري ومسلم عن أبي شريح الكعبي -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته ، يوم وليلة ، والضيافة ثلاثة أيام فما بعد ذلك فهو صدقة ، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يخرجه» .
الثالث : في استئذانه صلى الله عليه وسلم
روى البخاري في الأدب وأبو داود عن عبد الله بن بشر -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، ويقول : السلام عليكم ، وذلك أن الدور لم يكن عليها ستور .
وروى الإمام أحمد والشيخان والطبراني والترمذي عن أبي مسعود البدري الأنصاري ، والإمام أحمد عن جابر -رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فعرفت في وجهه الجوع ، فأتيت غلاما لي قصابا ، فأمرته أن يصنع طعاما لخمسة رجال ثم دعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء خامس خمسة وتبعهم رجل ، فلما بلغ الباب ، قال : هذا تبعنا فإن شئت أن تأذن له وإلا رجع ، فأذنت له . رواه الطبراني برجال الصحيح عن أبي شعيب نفسه .
وروى مسدد برجال ثقات عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة -رضي الله تعالى عنه- أن رجلا صنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما فقال : أتأذن لي في سعد ؟ فأذن له ، ثم صنع طعاما ، فقال أتأذن لي في سعد ؟ فأذن له ، ثم صنع طعاما ، فقال ، أتأذن لي في سعد ؟ فأذن صاحبه .
[ ص: 52 ] الرابع : في أمره صلى الله عليه وسلم أن لا يقطع دارا ولا نسلا
روى الإمام أحمد عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمدت إلى عنز لأذبحها فثغت فسمع ثغوتها ، فقال : يا جابر ، لا تقطع دارا ولا نسلا ، فقلت يا رسول الله ، إنما هي عتودة علفتها البلح والرطبة ، حتى سمنت .
الخامس : في أمره صلى الله عليه وسلم بإعلان النكاح والضرب عليه بالدف وكراهته لنكاح السر
وروى الطبراني من طريق داود بن الجراح عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «ما فعلت فلانة ليتيمة كانت عندها» فقالت : أهديناها إلى زوجها ، فقال : هلا بعثتم معها جارية ، تضرب بالدف وتغني ، قالت : تقول ماذا ؟ قال : تقول :
أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم ولولا الذهب الأحمـ
ـر ما حلت بواديكم ولولا الحنطة السمرا
ء ما شمت عذاريكم
وروى الإمام أحمد والبزار برجال ثقات عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة : «أهديتم الجارية إلى بيتها ؟ قالت : نعم ، قال : فهل بعثتم معها من يغنيهم يقول : أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم؛ فإن الأنصار قوم فيهم غزل .
وروى عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد المسند عن عمرو بن يحيى المازني عن جده أبي الحسن -رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره نكاح السر حتى يضرب عليه بدف ، ويقال :
أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم
وروى البخاري عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا عائشة ، ما كان معكم لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو» .
[ ص: 53 ] وروى أيضا عن الربيع بنت معوذ بن عفراء -رضي الله تعالى عنها- قالت جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فدخل حين بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني ، فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر ، وقالت له إحداهن : وفينا نبي يعلم ما في غد ، فقال : دعي هذه ، وقولي بالذي كنت تقولين .
وروى ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : أنكحت عائشة ذات قرابة من الأنصار فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أهديتم الفتاة ؟ قالوا : نعم ، قال : أرسلتم معها من يغني ؟ قالت : لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الأنصار قوم فيهم غزل ، فلو بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم .


