الباب الرابع في طلاقه -صلى الله عليه وسلم- ورجعته وإيلائه وهجره نساءه والعدة والاستبراء
وفيه أنواع :
الأول : في طلاقه ورجعته :
روى أبو يعلى والبزار عن والحاكم -رضي الله تعالى عنه- أنس أمر أن يراجعها فراجعها . حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين طلق
روى أبو يعلى برجال ثقات عن والبزار -رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عمر دخل على عمر وهي تبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم- طلقك مرة ثم راجعك من أجلي ، والله لئن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا . حفصة ،
وروى بسند فيه ضعف عن الطبراني الهيثم أو أبي الهيثم تطليقة فجلست في طريقه ، فلما مر سألته الرجعة ، وأن تهب قسمها لأي أزواجه شاء؛ رجاء أن تبعث يوم القيامة زوجته ، فراجعها وقبل ذلك منها . سودة بنت زمعة أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق
وروى برجال ثقات إلا الطبراني عمر بن صالح الحضرمي ، فيحرر رجاله ، عن -رضي الله تعالى عنه- عقبة بن عامر فوضع التراب على رأسه ، وقال : ما يعبأ الله بك يا عمر بن الخطاب ، بعدها . فنزل ابن الخطاب جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله تعالى يأمرك أن تراجع ثم راجعها رحمة حفصة ، بعمر . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة فبلغ ذلك
وروى أبو داود والنسائي عن وابن ماجه -رضي الله تعالى عنه- عمر بن الخطاب [ثم راجعها] . حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق
الثاني : في إيلائه صلى الله عليه وسلم من نسائه وهجره لهن
روى البخاري عن والنسائي أنس ، والشيخان والإمام أحمد عن والترمذي أم سلمة ، عن ومسلم جابر ، والبخاري عن والنسائي ابن عباس ، والإمام أحمد ومسلم والنسائي عن وابن ماجه الزهري ، عن وابن ماجه عائشة ، عن والإمام أحمد ابن عمر .
[ ص: 60 ] روى من طريق الطبراني عبد الله بن صالح كاتب الليث عن -رضي الله تعالى عنهما- قال ابن عباس ابن عباس : عن قول الله- عز وجل- عمر بن الخطاب وإن تظاهرا عليه [التحريم : 4] فكنت أهابه حتى حججنا معه حجة ، فقلت : لإن لم أسأله في هذه الحجة لا أسأله ، فلما قضينا [حجنا] أدركناه ، وهو ببطن مرو قد تخلف لبعض حاجاته ، فقال : مرحبا بك يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما حاجتك ؟ قلت : شيء كنت أريد أن أسألك عنه يا أمير المؤمنين ، فكنت أهابك ، فقال سلني عما شئت ، فإنا لم نكن نعلم شيئا حين تعلمنا ، فقلت : أخبرني عن قول الله تعالى : وإن تظاهرا عليه من هما ؟ قال : لا تسأل أحدا أعلم بذلك مني ، كنا بمكة لا يكلم أحدنا امرأته ، إنما هي خادم البيت ، فإن كان له حاجة سفع برجليها فقضى حاجته ، فلما قدمنا المدينة ، تعلمنا من نساء الأنصار ، فجعلن يكلمننا ويراجعننا ، وإني أمرت غلمانا لي ببعض الحاجة ، فقالت امرأتي : بل اصنع كذا وكذا ، فقمت إليها بقضيب فضربتها به ، فقالت : يا عجبا لك يا تريد أن لا تكلم ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمه نساؤه ، فخرجت فدخلت على ابن الخطاب! فقلت ؟ يا بنية ، انظري ، لا تكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عنده دينار ولا درهم يعطيكهن ، فما كانت لك من حاجة حتى دهن رأسك فسليني ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح جلس في مصلاه وجلس الناس حوله حتى تطلع الشمس ، ثم دخل على نسائه امرأة امرأة ، يسلم عليهن ويدعو لهن ، فإذا كان يوم إحداهن جلس عندها . حفصة ،
وإنها أهديت لحفصة بنت عمر عكة عسل من الطائف أو من مكة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يسلم عليها حبسته حتى تلعقه منها أو تسقيه منها ، وأن أنكرت احتباسه عندها ، فقالت عائشة لجويرية عندها حبشية يقال لها خضراء : إذا دخل على فادخلي عليها ، فانظري ما يصنع ، فأخبرتها الجارية بشأن العسل ، فأرسلت حفصة إلى صواحبتها ، فأخبرتهن ، وقالت : إذا دخل عليكن فقلن : إنا نجد منك ريح مغافير . عائشة
ثم إنه دخل على فقالت : يا رسول الله ، أطعمت شيئا منذ اليوم ، فإني أجد منك ريح مغافير ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد شيء عليه أن يوجد منه ريح شيء ، فقال : هو عسل ، والله لا أطعمه أبدا ، حتى إذا كان يوم عائشة قالت : يا رسول الله ، إن لي حاجة إلى أبي ، إن نفقة لي عنده ، فأذن لي أن آتيه فأذن لها ، ثم إنه أرسل إلى جاريته حفصة مارية ، فأدخلها بيت فوقع عليها ، فأتت حفصة ، فوجدت الباب مغلقا ، فجلست عند الباب ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع ووجهه يقطر عرقا ، وحفصة تبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ فقالت : إنما أذنت لي من أجل هذا ، أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها على فراشي ، ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن ، أما والله ما يحل لك هذا يا رسول الله ، فقال : والله ، ما صدقت : أليس هي جاريتي ، قد أحلها الله تعالى لي ، أشهدك أنها علي حرام ، ألتمس بذلك رضاك ، انظري لا تخبري بذلك امرأة منهن ، فهي عندك أمانة . حفصة
فلما خرج [ ص: 61 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قرعت الجدار الذي بينها وبين حفصة فقالت : ألا أبشري ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم أمته ، فقد أراحنا الله منها ، فقالت عائشة ، أما والله إنه كان يريبني أنه كان يقبل من أجلها ، فأنزل الله تعالى : عائشة : يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك [التحريم : 1] ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن تظاهرا عليه فهي عائشة وحفصة . وزعموا أنهما كانتا لا تكتم إحداهما للأخرى شيئا .
وكان لي أخ من الأنصار إذا حضرت ، وغاب في بعض ضيعته ، حدثته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا غبت في بعض ضيعتي ، حدثني ، فأتاني يوما وقد كنا نتخوف جبلة بن الأيهم الغساني ، فقال : ما دريت ما كان ؟ فقلت : وما ذاك ؟ لعله جبلة بن الأيهم الغساني ، تذكر ، قال : لا ، ولكنه أشد من ذلك ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الصبح ، فلم يجلس كما كان يجلس ، ولم يدخل على أزواجه كما كان يصنع ، وقد اعتزل في مسربته ، وقد ترك الناس يموجون ولا يدرون ما شأنه ، فأتيت والناس في المسجد يموجون ولا يدرون ، فقال : يا أيها الناس كما أنتم ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مسربته قد جعلت له عجلة ، فرقى عليها ، فقال لغلام له أسود وكان يحجبه : استأذن فاستأذن لي فدخلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مسربته ، فيها حصير وأهب معلقة ، وقد أفضى بجنبه إلى الحصير ، فأثر الحصير في جنبه ، وتحت رأسه وسادة من أدم ، محشوة ليفا ، فلما رأيته بكيت ، قال : ما يبكيك ؟ قلت : يا رسول الله ، فارس والروم أحدهم يضطجع في الديباج والحرير ، فقال : إنهم عجلت لهم طيباتهم ، والآخرة لنا . لعمر بن الخطاب ،
ثم قلت : يا رسول الله ، ما شأنك ؟ فإني قد تركت الناس يموج بعضهم في بعض ، فعن خبر أتاك فقال : اعتزلهن ؟ فقال : لا ، ولكن كان بيني وبين أزواجي شيء فأحببت ألا أدخل عليهن شهرا .
ثم خرجت على الناس ، فقلت : يا أيها الناس ، ارجعوا ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بينه وبين أزواجه شيء فأحب أن يعتزل ، فدخلت على فقلت : يا بنتي ، أتكلمين رسول الله وتغيظينه وتغارين عليه ؟ فقالت : لا أكلمه بعد بشيء يكرهه ، ثم دخلت على حفصة ، وكانت خالتي ، فقلت لها كما قلت أم سلمة لحفصة ، فقالت : عجبا لك يا كل شيء تكلمت فيه ، حتى تريد أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أزواجه ، وما يمنعنا أن نغار على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجكم يغرن عليكم ، فأنزل الله تعالى : عمر بن الخطاب ، يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا [الأحزاب : 28] حتى فرغ منها . كنت أريد أن أسأل
[ ص: 62 ] وروى الطبراني بسند جيد واللفظ له عن وأبو داود -رضي الله عنها- قالت : عائشة لصفية وكان مع زينب فضل ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بعير صفية قد اعتل فلو أعطيتها بعيرا لك! قالت : أنا أعطي هذه اليهودية ؟ ! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرها بقية ذي الحجة ومحرما وصفرا ، وأياما من ربيع الأول حتى رفعت متاعها وسريرها ، فظنت أنه لا حاجة له فيها ، فبينما هي ذات يوم قاعدة نصف النهار ، إذ رأت ظله قد أقبل فأعادت سريرها ومتاعها . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، وفي رواية «حجة الوداع» ، ونحن معه ، فاعتل بعير
وروى بسند لا بأس به عن الإمام أحمد -رضي الله تعالى عنه- قال : أبي هريرة أحسبه قال : شهرا ، فأتاه شعبة : وهو في غرفة وهو على حصير قد أثر الحصير بظهره ، فقال : يا رسول الله كسرى يشربون في الذهب والفضة وأنت هكذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا ، ثم قال رسول الله : الشهر هكذا وهكذا وهكذا ، وكسر في الثالثة الإبهام . عمر بن الخطاب هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ، قال
وروى الحاكم والبيهقي والحارث واللفظ له عن -رضي الله تعالى عنه- أنس صفية بحفصة ، قيل له : من أمهات المؤمنين أم من غير أمهات المؤمنين ؟ قال : من أمهات المؤمنين . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استبرأ