الباب الرابع في سيرته -صلى الله عليه وسلم- في النذور
وفيه أنواع :
الأول : في نهيه صلى الله عليه وسلم عن النذور
روى والشيخان الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن وابن ماجه -رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عمر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذور ، وقال : إنه لا يقدم شيئا ولا يؤخره ، وإنما يستخرج به من البخيل . وفي لفظ : من اللئيم .
وروى مسلم والترمذي عن والنسائي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة «لا تنذروا؛ فإن النذر لا يغني من القدر شيئا ، وإنما يستخرج من البخيل» .
الثاني : في سيرته صلى الله عليه وسلم في نذر الطاعات والمباحات
روى الحارث بسند ضعيف عن فاطمة بنت قيس -رضي الله تعالى عنها- ورواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا ، فقال : «إن أتاني منه خبر صالح ، لأحمد الله حق حمده» ، فأتاه منهم خبر صالح ، فقال : «اللهم لك الحمد شكرا ، ولك المن فضلا» ، فقال له عمر : إنك قلت : لإن أتاني منهم خبر صالح لأحمدن الله حق حمده ، قال : قد قلت : «اللهم لك الحمد شكرا ، ولك المن فضلا» عن الطبراني بذلك . كعب بن عجرة
وروى عن النواس بن سمعان -رضي الله تعالى عنه- قال : الطبراني سرقت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجدعاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لئن ردها الله علي لأشكرن ربي عز وجل» فوقعت في حي من أحياء العرب فيه امرأة مسلمة ، فكانت الإبل إذا سرحت سرحت متوحدة ، فإذا بركت الإبل بركت متوحدة ، واضعة بجرانها ، فركبتها وقدمت بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآها قال : الحمد لله ، فانتظرنا هل يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم صوما أو صلاة فظنوا أنه قد نسي ، قالوا : يا رسول الله ، إنك قلت : لئن ردها الله علي لأشكرن الله تعالى ، فقال : أولم أقل : الحمد لله .
[ ص: 103 ] وروى عن أبو داود -رضي الله تعالى عنه- قال : علي إن امرأة قالت : يا رسول الله ، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف ، قال أوفي بنذرك .
وروى أبو داود واللفظ له عن والإمام أحمد -رضي الله تعالى عنه- جابر أن رجلا جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح والنبي صلى الله عليه وسلم في مجلس قريب من المقام ، فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : يا رسول الله ، إني نذرت إن فتح الله على النبي وعلى المسلمين مكة لأصلين في بيت المقدس ، وإني قد وجدت رجلا من أهل الشام ههنا في نفر يمشي مقبلا معي ومدبرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ههنا فصل» ، فقال الرجل قوله ذلك ثلاث مرات ، كل ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «ههنا فصل» ، ثم قالها الرابعة مقالته هذه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اذهب فصل فيه فوالذي بعث محمدا بالحق لو صليت ههنا لقضى عنك كل صلاة صليتها في بيت المقدس» .
الثالث : في سيرته صلى الله عليه وسلم في نذر المعاصي
روى البخاري وأبو داود عن والدارقطني -رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا : أبو إسرائيل ، نذر أن يقوم في الشمس ، ولا يقعد ، ويصوم ولا يفطر النهار ، ولا يستظل ولا يتكلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مره فليستظل وليقعد وليتكلم ، وليتم صومه .
وروى الأئمة إلا مالكا ، عن والدارقطني -رضي الله تعالى عنه- قال : ابن عباس بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا : أبو إسرائيل ، نذر أن يقوم في الشمس ، ولا يقعد ، ويصوم ولا يفطر النهار ، ولا يستظل ولا يتكلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مره فليستظل وليقعد وليتكلم ، وليتم صومه .
وروى الأئمة إلا مالكا ، عن والدارقطني -رضي الله تعالى عنهما- أن ابن عمر قال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما ، وفي رواية : ليلة في المسجد الحرام ، فقال : أوف بنذرك . عمر
وروى الجماعة عن -رضي الله تعالى عنه- قال : عقبة بن عامر نذرت أختي أن تمشي إلى البيت الحرام حافية غير مختمرة ، فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيته ، فقال : [ ص: 104 ] لتمش ولتركب ولتختمر ولتصم ثلاثة أيام ، إن الله لغني عن تعذيب أختك نفسها ، فلتركب ولتهد بدنة .
ورواه عن أبو داود ابن عباس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أخته نذرت أن تحج إلى البيت ماشية فشكا إليه ضعفها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله لغني عن نذر أختك فلتركب ولتهد بدنة» . عقبة بن عامر أن
وروى والخمسة عن الإمام أحمد -رضي الله تعالى عنه- أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى شيخا يهادي بين ابنيه ، فقال : ما بال هذا ؟ قالوا نذر أن يمشي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله- عز وجل- غني عن تعذيب هذا نفسه فليركب» .
وروى عن أبو داود ثابت بن الضحاك ، عن وابن ماجه -رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فهل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ، قالوا : لا ، قال : هل كان فيها عيد من أعيادهم ، قالوا : لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أوف بنذرك» ، فإنه لا وفاء في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم . ابن عباس : أن رجلا نذر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، قال
وروى عن الإمام أحمد -رضي الله تعالى عنه- قال : علي جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «إني نذرت ناقتي وكيت وكيت ، فقال : أما ناقتك فانحرها ، وأما كيت وكيت فمن الشيطان» .
وروى والأربعة عن الإمام أحمد -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عائشة «لا نذر في معصية ، وكفارته كفارة يمين» .
وروى عن الإمام أحمد -رضي الله عنهما- عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى أعرابي قائما في الشمس ، وهو يخطب ، قال : ما شأنك ؟ قال : نذرت يا رسول الله ، أن لا أزال في الشمس حتى تفرغ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليس هذا بنذر ، إنما النذر ما ابتغي به وجه الله» .
[ ص: 105 ] وروى الإمامان الشافعي والستة إلا مسلما عن وأحمد -رضي الله تعالى عنها- أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عائشة وفي لفظ : «من نذر أن يطيع الله فليوف به» «فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله ، فلا يف به» .
وروى عن النسائي -رضي الله تعالى عنه- قال : عمران بن الحصين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «لا نذر في غضب ، وكفارته كفارة يمين» .
وروى عن الدارقطني -رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا نذر إلا فيما أطيع الله عز وجل فيه ، ولا يمين في غضب ، ولا عتاق فيما لا يملك» .
وروى عن الدارقطني -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عائشة «من جعل لله عليه نذرا في معصية فكفارته كفارة يمين» .
وروى الإمام أحمد ومسلم عن والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عقبة بن عامر كفارة النذر كفارة اليمين . والله أعلم .