الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الخامس والعشرون : في بعض فتاويه صلى الله عليه وسلم في الجهاد والغزو وما يتعلق بذلك .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، دلني على عمل يعدل الجهاد قال : لا أجده ، ثم قال : هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر ، فقال : ومن يستطيع ذلك ؟ قال : أبو هريرة ، إن فرس المجاهد ليستن في طوله ، فيكتب له حسنات .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله ، أي الجهاد أفضل ؟ قال : أن يجاهد الرجل نفسه وهواه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله تعالى ؟ قال : الصلاة على وقتها ، قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين ، قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان وأبو داود والترمذي وأبو سعيد- رضي الله تعالى عنه- قال : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أي الناس أفضل ؟ قال : مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قالوا : ثم من ؟ قال : مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود الطيالسي عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده قبص من الناس ، فقال : يا رسول الله ، أي الناس خير عند الله منزلة يوم القيامة بعد أنبيائه وأصفيائه ؟ قال : المجاهد في سبيل الله بنفسه وماله حتى يأتيه دعوة الله ، وهو على متن فرسه آخذا بعنانه فقال : ثم من ؟ قال : امرؤ بناحية أحسن عبادة الله تعالى ، وترك [ ص: 313 ] الناس من شره ، قال : يا رسول الله ، فأي الناس شر منزلة عند الله تعالى يوم القيامة ؟ قال : المشرك ، قال : ثم من ؟ قال : إمام جائر يحول عن الحق ، وقد بان له ، وحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألغين ، فقال اسألوني ولا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به ، فقلت : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبك نبيا وحسبنا ما أتانا فسري عنه .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فذكر الإيمان بالله تعالى ، والجهاد في سبيل الله من أفضل عند الله قال : فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، أرأيت إن قتلت في سبيل الله مقبلا غير مدبر كفر الله عني خطاياي ؟ قال : نعم ، إلا الدين فإن جبريل سارني بذلك .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي عن أبي بن سعد- رضي الله تعالى عنه- عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله ، ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد ؟ قال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن نعيم بن همار وقيل : هباء وقيل غير ذلك- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الشهداء أفضل ؟ قال : الذين إن يلقوا في الصف يلفتوا وجوههم ، حتى يقتلوا ، أولئك ينطلقون في الغرف العلى من الجنة ويضحك إليهم ربهم ، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان وأبو داود والنسائي عن أبي موسى- رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قاتل لتكون كلمة الله تعالى هي العليا ، فهو في سبيل الله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله تعالى ، وهو يبتغي عرضا من عرض الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا أجر له» فأعظم ذلك الناس ، وقالوا للرجل : عد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلعلك لم تفهمه فقال : يا رسول الله ، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من عرض الدنيا قال : «لا أجر له» فقال للرجل : عد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له الثالثة فقال له : «لا أجر له» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي عن أبي أمامة - رضي الله تعالى عنه- قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له ، فأعادها ثلاث مرات ، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له ، ثم قال : إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا ، وابتغي به وجهه . [ ص: 314 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت : قلت : يا رسول الله تغزو الرجال ولا تغزو النساء ، وإنما لنا نصف الميزان ، فأنزل الله تعالى : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض [النساء : 32] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا : يا رسول الله ، من قتل في سبيل الله فهو شهيد .

                                                                                                                                                                                                                              قال : «إن شهداء أمتي إذا لقليل» قالوا : فمن هم ؟ يا رسول الله ، قال : «من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في الطاعون فهو شهيد ، ومن مات في البطن فهو شهيد» .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن مقسم : أشهد على أبيك في هذا الحديث ، أنه قال : «والغريق شهيد» .


                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية