( 566 ) وينقط المهمل لا الحا أسفلا أو كتب ذاك الحرف تحت مثلا ( 567 ) أو فوقه قلامة أقوال
والبعض نقط السين صفا قالوا ( 568 ) وبعضهم يخط فوق المهمل
وبعضهم كالهمز تحت يجعل
( وينقط ) الحرف ( المهمل ) كالدال والراء والصاد والطاء والعين ونحوها ، ( لا الحا ) بالقصر ، بما فوق الحرف المعجم المشاكل له ( أسفلا ) أي : أسفل الحرف المهمل ، ولم يصرح تبعا ابن الصلاح لعياض باستثناء الحاء اكتفاء بالعلة في القلب ، وهي تحصيل التمييز ، فمتى كان موقعا في الالتباس لم يحصل الغرض .
والحاء إذا جعلت نقطة الخاء المعجمة تحتها التبست بالجيم ، وحينئذ فترك العلامة لهذا الحرف علامة ، ويشير إلى هذا قول الزركشي : خرج بقوله : " فوق " ما إذا كان النقط تحت فلا يستحب ، وذلك كالحاء ، فإنه لو نقطت من تحتها لالتبست بالجيم . وقال البلقيني : إنما ترك الحاء لوضوحها .
وليس هذا الاصطلاح بالمتفق عليه بينهم ، ولذا قال عياض : وسبيل الناس في ضبطها مختلف . يعني : فمنهم من يسلك هذا ، أو كما لبعض [ ص: 57 ] أهل المشرق والأندلس مما قاله عياض أيضا ( كتب ) أي : يكتب نظير ( ذاك الحرف ) المهمل المتصل أو المنفصل ( تحت ) ; أي : تحته ( مثلا ) بفتحتين ; أي : على صفته ، سواء كان شبيها له في الاتصال والانفصال وفي القدر أو لا ، غير أن كونه أصغر منه ومجردا أنسب .
ولذا قال : يكتب تحت الحاء المهملة حاء مفردة صغيرة ، وكذا يكتب تحت كل من الدال والصاد والطاء والسين والعين صفتها صغيرة . ابن الصلاح
( أو ) يجعل ( فوقه ) ; أي : المهمل ( قلامة ) كقلامة الظفر مضجعة على قفاها لتكون فرجتها إلى فوق ، ولأجل ذلك فقط مثلت بالقلامة ; إذ المشاهد في خط كثيرين لا يشابهها من كل وجه ، بل هي منجمعة لا هكذا من أسفلها .
( أقوال ) ثلاثة وأولها يقتضي أن يكون النقط من أسفل كهيئته من فوق بحيث يكون ما تحت السين المهملة كالأثافي ، وهي بالمثلثة وتشديد التحتانية وقد تخفف - ما يوضع عليه القدر من حديد وحجارة وغيرهما في سفر وغيره ، لكن الأنسب والأبعد عن اللبس قلبها ، فتكون النقطتان المحاذيتان للمعجمة من فوق محاذيتين للمهملة من أسفل .
و ( البعض ) ممن اصطلح على النقط ( نقط السين صفا ) واحدا يصف تحتها ( قالوا ) أي : قالوه لئلا تزدحم النقطة أو النقطتان مع ما يحاذيها من السطر الذي يليها فيظلم ، بل ربما يحصل به لبس ( وبعضهم [ ص: 58 ] يخط فوق ) الحرف ( المهمل ) خطا صغيرا .
قال : وذلك موجود في كثير من الكتب القديمة ولا يفطن له كثيرون . يعني : لكونه خفيا غير شائع ، ولذا اشتبه على ابن الصلاح العلاء مغلطائي الحنفي حيث توهمه فتحة لذاك الحرف إذ قرأ : " رضوان " بفتح الراء ، وليست الفتحة إلا علامة الإهمال ، وكذا وقف على هذه العلامة للمهمل في بعض الكتب القديمة المصنف .
( وبعضهم ) وهو طريق خامس أو سادس ( كالهمز تحت ) ; أي : تحت المهمل ( يجعل ) حكاه عن بعض الكتب القديمة ، وإليه أشار ابن الصلاح عياض بقوله : ومنهم من يقتصر تحت المهمل على مثال النبرة وهي - كما ذكر الجوهري وابن سيده - الهمزة ، بل حكى عياض أيضا عن بعض المشارقة أنه يجعل فوق المهمل خطا صغيرا يشبه النبرة ، ويشبه أن يكون سادسا أو سابعا ، وإن تردد المصنف [ ص: 59 ] أهو غير الخط أو عينه ؟ ووجدت أيضا سابعا أو ثامنا .
فروى الخطيب في " جامعه " من طريق قال : سمعت أبي بكر بن أبي شيبة يقول : كتبت - يعني عن عبد الله بن إدريس شعبة - حديث أبي الحوراء - يعني عن الحسن بن علي رضي الله عنهما ، فخفت أن أصحف فيه فأقول : أبو الجوزاء بالجيم والزاء ، فكتبت تحته : حور عين .
وكذا ذكره ، وإليه أشار أبو علي الغساني ابن دقيق العيد بقوله : وربما كتبوا ما يدل على الضبط بألفاظ كاملة دالة عليه .
ونحوه رد وهو في الصلاة على من قرأ عليه : الدارقطني يسير بن ذعلوق - بالياء - بقوله : ن والقلم .
ووراء هذا من يقتصر في البيان على ما هو الأسلوب الأصلي لها ، وهو إخلاؤها عن العلامة الوجودية لغيرها من غير زيادة في ذلك ، وهذا طريق من لم يسلك جانب الاستظهار ، وهو طلب الزيادة في الظهور لأجل تحصيل الشيء .
ونحوه من اصطلح في البيان مع نفسه شيئا انفرد به عن الناس لأنه يوقع غيره به في الحيرة واللبس لعدم الوقوف على مراده فيه كما اتفق في " رضوان " .
[ ص: 60 ] قال ابن دقيق العيد : ولقد قرأت جزءا على بعض الشيوخ فكان كاتبه يعمل على الكاف علامة شبيهة بالخاء التي تكتب على الكلمات دلالة على أنها نسخة أخرى ، وكان الكلام يساعد على إسقاط الكلمة وإثباتها في مواضع ، فقرأت ذلك على أنها نسخة ، وبعد فراغ الجزء تبين لي اصطلاحه فاحتجت إلى إعادة قراءة الجزء . انتهى .
ورب علامة أحوجت إلى علامة حتى لفاعلها ، وحينئذ فلا ينبغي - كما قال - أن يأتي باصطلاح غير مألوف . ابن الصلاح