الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

( 606 ) قلت ورمز قال إسنادا يرد قافا وقال الشيخ حذفها عهد      ( 607 ) خطا ولا بد من النطق كذا
قيل له وينبغي النطق بذا

[ رمز قال وحذفها ] ( قلت ) : وأما غير " ثنا " و " أنا " مما أشير إليه فـ ( رمز قال ) الواقعة ( إسنادا ) أي : في الإسناد بين رواته ( يرد ) حسبما رآه المصنف في بعض الكتب المعتمدة حال كونه ( قافا ) مفردة فيصير هكذا " ق ثنا " ، وربما خطهما بعضهم كالدمياطي ، بل قيل : إنه تفرد بذلك وكتب بخطه في ( صحيح مسلم ) : قثنا . حتى توهم بعض من رآها كذلك أنها الواو الفاصلة بين الإسنادين ، وليس كذلك .

وبالجملة فالرمز لها اصطلاح متروك ، ( و ) لكن ( قال الشيخ ) ابن الصلاح : [ ص: 109 ] ( حذفها ) كلها أصلا ورأسا ( عهد ) فيما جرى عليه أهل الحديث ( خطا ) ، حتى إنهم يحذفون الأولى من مثل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : ( ولا بد من النطق ) بها حال القراءة لفظا .

يعني لأن الأصل الفصل بين كلامي المتكلمين للتمييز بينهما ، وحيث لم يفصل فهو مضمر ، والإضمار خلاف الأصل ، إلا أن هذا لا يقتضي اشتراط التلفظ كما أشعر به تعبيره .

نعم قد صرح في ( فتاواه ) بأن عدم النطق بها لا يبطل السماع في الأظهر وإن كان خطأ من فاعله ، واحتج لذلك بأن حذف القول جائز اختصارا قد جاء به القرآن العظيم .

وتبعه النووي في ( تقريبه ) فقال : تركها خطأ ، والظاهر صحة السماع ، بل جزم به في مقدمة ( شرح مسلم ) فإنه قال : فلو ترك القارئ لفظ " قال " في هذا كله فقد أخطأ ، والسماع صحيح للعلم بالمقصود ، ويكون هذا من الحذف لدلالة الحال عليه ، وصرح الشهاب عبد اللطيف بن المرحل النحوي بإنكار اشتراط التلفظ بها ، ثم هل يكفي الاقتصار على النطق بالرمز لها ؟ الظاهر : نعم .

وإليه أشار الكرماني في " قال " وكذا في " ثنا " و " أنا " جميعا ، وعبارته : وينبغي للقارئ أن يلفظ بكل من " قال " و " ثنا " و " أنا " صريحا ، فلو ترك ذلك كان [ ص: 110 ] مخطئا ، لكن السماع صحيح للعلم بالمقصود ، ولدلالة الحال على المحذوف .

قال شيخنا : وفيه نظر ; لأنه يلزم منه أن يقول : قال " خ " . ويريد : قال البخاري . أو يقول : " ثنا خ " . ومراده : ثنا البخاري . وأن يقول : " ثنا م " . ويريد : ثنا مسلم ، وليس بلازم لكونه في الصيغ لا في الأسماء .

على أنه قد توقف كما سلف في أن الأولى عدم الرمز عن الراوي بالكتابة حيث قال : إنه بعد أن شاع وعرف الاصطلاح لا فرق بين الرمز وغيره إلا من جهة نقص الأجر لنقص الكتابة .

وكأنه يفرق بين الكتابة وبين القراءة باصطلاح رمز الأسماء والصيغ كتابة دون رمزهما قراءة ، وفيه توقف إلا من جهة الخفاء بالنطق في الراوي رمزا ، ثم صرح شيخنا بمصادمة تصحيح الكرماني السماع لقول ابن الصلاح : إنه لا بد .

قال : والذي يظهر لي امتناعه - أي : الحذف في " ثنا " و " أنا " ، وفي مثل " ثنا خ " ، و " ثنا م " - وجوازه في " قال " يعني قبل : " ثنا " ; لأن " ثنا " بمعنى : قال لنا ، فاشتراط إعادة " قال " ليس بشيء . انتهى .

( وكذا ) مما عهد حذفه أيضا لفظ " أنه " في مثل ما رواه الترمذي من حديث حذيفة رضي الله عنه قال : رأى رجلا . الحديث . فإن تقديره : قال : إنه رأى رجلا . وقول البخاري : ثنا الحسن بن الصباح ، سمع جعفر بن عون .

و ( كذا قيل له ) في مثل : قرئ على فلان ، قيل له : أخبرك فلان ، ( وينبغي ) كما قال ابن الصلاح مع ملاحظة ما قررناه في " قال " للقارئ أيضا ( النطق بذا ) ; أي : قيل له . وكذا أنه ونحوهما . قال : ووقع في بعض ذلك : قرئ على فلان ، حدثنا فلان . فهذا ينطق فيه بـ " قال " ، يعني : لا قيل له ، لكونه أخصر ، وإلا فلو قال : قيل له . قلت كما عبر به النووي في مقدمة ( شرح مسلم ) لما امتنع .

التالي السابق


الخدمات العلمية