الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ تقطيع الحديث الواحد في الأبواب ] :

( أما إذا قطع ) المتن الواحد المشتمل [ ص: 157 ] على عدة أحكام ، كحديث جابر الطويل في الحج ونحوه ، ( في الأبواب ) المتفرقة بأن يورد كل قطعة منه في الباب المعقود لها ، ( فهو ) كما قال ابن الصلاح ومن تابعه ، يعني : إذا تجرد عن العوارض المتقدمة بأسرها ، ( إلى الجواز ) من الخلاف ( ذو اقتراب ) ، ومن المنع ذو ابتعاد .

وصرح الرشيد العطار بالخلاف فيه ، وأن المنع ظاهر صنيع مسلم ، فإنه لكونه لم يقصد ما قصده البخاري من استنباط الأحكام يورد الحديث بتمامه من غير تقطيع له ولا اختصار إذا لم يقل فيه . مثل حديث فلان أو نحوه .

ولكن قال النووي : إنه يبعد طرد الخلاف فيه ، وقد فعله من الأئمة أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم قديما وحديثا ، بل ومسلم أيضا كما قدمته ، وإن اقتضى كلام الرشيد خلافه ، ونسب أيضا للإمام مالك مع تصريحه كما تقدم بالمنع منه في حديث الرسول ، إلا أن يفرق بين الرواية والتأليف .

وكذا حكى الخلال عن أحمد أنه ينبغي ألا يفعل . ونحوه قول ابن الصلاح : إنه لا يخلو من كراهة . يعني : فإنه إخراج للحديث المروي عن الكيفية المخصوصة التي أورد عليها . لكن قد نازعه النووي فقال : ما أظن غيره يوافقه على ذلك ، بل بالغ الحافظ عبد الغني بن سعيد وكاد أن يجعله مستحبا .

قلت : لا سيما إذا كان المعنى المستنبط من تلك القطعة يدق ، فإن إيراده والحالة هذه بتمامه يقتضي مزيد تعب في استخلاصه منه ، بخلاف الاقتصار على محل الاستشهاد ، ففيه تخفيف كما أشار إليه أبو داود .

والتحقيق كما أشار إليه ابن دقيق العيد في ( شرح الإلمام ) التفصيل ، فإن قطع بأنه لا يخل المحذوف [ ص: 158 ] بالباقي فلا كراهة ، وإن نزل عن هذه المرتبة ترتبت الكراهة بحسب مراتبه في ظهور ارتباط بعضه ببعض وخفائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية