الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تقديم المتن على السند .


( 665 ) وسبق متن لو ببعض سند لا يمنع الوصل ولا أن يبتدي [ ص: 194 ]      ( 666 ) راو كذا بسند فمتجه
وقال خلف النقل معنى يتجه      ( 667 ) في ذا كبعض المتن قدمت على
بعض ففيه ذا الخلاف نقلا

[ تقديم المتن على السند لا يمنع الوصل ] : الفصل العاشر : ( تقديم المتن على السند ) جميعه أو بعضه . ( وسبق متن ) على جميع سنده كما جاء من ابن جريج قال : نزلت : ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم . في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي ، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية . أخبرنيه يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس .

وعن الربيع بن خثيم أنه قال : ( من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ) . الحديث . فقيل له : من حدثك بهذا ؟ قال : عمرو بن ميمون . يعني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي أيوب .

وكقول البخاري في أواخر العلم من ( صحيحه ) : وقال علي : ( حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ) .

حدثنا به عبيد الله بن موسى ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن علي . جائز ، و ( لو ) كان سبقه مقترنا ( ببعض سند ) سواء كان البعض السابق مما يلي الراوي كقول أحمد : سمعت سفيان يقول : ( إذا كفى الخادم أحدكم طعامه فليجلسه فليأكل معه ) الحديث .

وقرئ عليه إسناده : سمعت أبا الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به .

وقوله أيضا : حدثنا سفيان قال : ( يا أيها الناس ، لا يقتل بعضكم بعضا ، إذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصى الخذف ) . وقرئ عليه إسناده : يزيد بن أبي زياد ، عن سفيان ، عن عمرو بن الأحوص ، عن أمه ، يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم به .

وحكى أحمد أن شريكا لم [ ص: 195 ] يكن يحدث إلا هكذا ، كان يذكر الحديث فيقول : فلان . فيقال : عمن ؟ فيقول : عن فلان .

أو مما يلي المتن كأن يقول : روي عن عمرو بن دينار ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا . أنا به فلان . ويسوق سنده إلى عمرو .

وسواء كان ذلك في مجلس واحد أو مجلسين ، كما حكى مالك قال : كنا نجلس إلى الزهري فيقول : قال ابن عمر كذا . ثم نجلس إليه بعد ذلك فأقول له : الذي ذكرت عن ابن عمر ; من أخبرك به ؟ قال : ابنه سالم .

وممن صرح بجواز ذلك أحمد ، بل وفعله كما تقدم ، وعن سعيد بن عامر أنه لا بأس به . و ( لا يمنع ) السبق في ذلك ( الوصل ) ، بل يحكم باتصاله كما إذا قدم السند على المتن .

( و ) كذا ( لا ) يمنع ( أن يبتدي ) راو تحمل من شيخه هـ ( كذا ) المتن ( بسند ) ويؤخر المتن كالجادة المألوفة ( فـ ) هذا ( متجه ) كما جوزه بعض المتقدمين من المحدثين . وكلام أحمد يشعر به ، فإن أبا داود سأله : هل لمن سمع كذلك أن يؤلف بينهما ؟ قال : نعم . وبه صرح ابن كثير من المتأخرين فقال : الأشبه عندي جوازه .

ويلتحق بذلك تقديم اسم شيخه على الصيغة ، كأن يقول الإمام أحمد مثلا : سفيان بن عيينة حدثني .

( وقال ) ابن الصلاح و ( خلف ) أي : الخلاف في ( النقل معنى ) أي : بالمعنى ( يتجه ) مجيئه ( في ذا ) الفرع ( كبعض المتن ) إذا ( قدمت ) به ( على بعض ففيه ) أيضا ( ذا الخلاف ) كما عن الخطيب قد ( نقلا ) ، فلا فرق بين الفرعين .

ولكن قد منع البلقيني مجيء الخلاف في فرعنا ، وفرق بأن تقديم [ ص: 196 ] بعض المتن قد يؤدي إلى خلل في المقصود في العطف وعود الضمير ونحو ذلك ، بخلاف تقديم المتن على السند .

وسبقه إلى الإشارة لذلك النووي ، فقال في ( إرشاده ) : والصحيح أو الصواب جواز هذا ، وليس كتقديم بعض المتن على بعض ، فإنه قد يتغير به المعنى بخلاف هذا .

وقال في موضع آخر : الصحيح الذي قاله بعض المتقدمين القطع بجوازه . وقيل : فيه خلاف كتقديم بعض المتن على بعض . على أن لقائل أن يقول : إن ابن الصلاح إنما أطلق استغناء بما تقرر من شروط الرواية بالمعنى ، لكن قد قال النووي : إنه ينبغي أن يقطع بجوازه إن لم يكن المتن المتقدم مرتبطا بالمؤخر . ثم إنه يستثنى من الجواز ما يقع لابن خزيمة ، فإنه يفعله إذا كان في السند من فيه مقال حيث يبتدئ من المتكلم فيه ، ثم بعد الفراغ من المتن يذكر أول السند ، وقال : إن من رواه على غير هذا الوجه لا يكون في حل منه .

ولذا قال شيخنا : إنه ينبغي أن القائل بالرواية بالمعنى لا يجوز مثل هذا . يعني حيث لم يبين . وكذا ميز أبو بكر الإسماعيلي بين ما يخرجه في ( مستخرجه ) من طريق من يعرض في القلب منه شيء ، وبين الصحيح على شرطه ، بذكر الخبر من فوق ، ثم بعد فراغه منه يقول : أخبرنيه فلان ، عن فلان . كما نبه عليه في ( المدخل ) .

وممن منع تقديم بعض المتن على بعض ابن عمر ، وذلك أنه روى حديث . ( بني الإسلام على خمس ) . وفيه ( حج البيت ، وصيام رمضان ) . فأعاده بعض من حضر بتقديم الصيام ، فقال : لا ، اجعل الصيام آخرهن كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 197 ] وربما شك بعضهم في ذلك فرواه مع التردد كحديث : ( أهل بيتي والأنصار عيبتي وكرشي ) . أو : ( كرشي وعيبتي ) . وكحديث أسلم وغفار أو غفار وأسلم . ومنهم من يصرح بالشك كقول عاصم في حديث : ( فأوسعوا على أنفسكم إذا وسع الله عليكم ) . أو : ( إذا وسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم ) : لا أدري بأيهما بدأ .

أورد ذلك كله الخطيب في باب المنع من تقديم كلمة على أخرى من ( كفايته ) ، وكذا بوب لهذا الحافظ عبد الغني بن سعيد ، وحكى فيه الجواز إذا لم يتغير المعنى عن الحسن وسليمان التميمي والد المعتمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية