الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
العمل في اختلاف الروايات .


( 601 ) وليبن أولا على روايه كتابه ويحسن العنايه      ( 602 ) بغيرها بكتب راو سميا
أو رمز أو بكتبها معتنيا      ( 603 ) بحمرة وحيث زاد الأصل
حوقه بحمرة ويجلو كيف

( العمل في ) الجمع بين ( اختلاف الروايات ) لما مر عن بعض الطرق في إبعاد الزائد أنه يحسن فيما ثبت في بعض الروايات دون بعض ، ناسب إردافه بكيفية الجمع بين الروايات ( وليبن أولا ) وقت الكتابة أو المقابلة ( على روايه ) خاصة ( كتابه ) ولا يجعله ملفقا من روايتين لما فيه من الإلباس .

( و ) بعد هذا ( يحسن العنايه بغيرها ) أي : بغير الرواية التي أصل كتابه عليها ، ويبين ما وقع التخالف فيه من زيادة أو نقص أو إبدال لفظ بلفظ أو حركة لإعراب أو نحوها ، وذلك إما بكتب ما زاد أو أبدل أو اختلف إعرابه بين السطور إن اتسعت ، وإلا فبالحاشية .

أو ( بكتب راو ) عرف بذلك الزائد أو المحذوف أو المبدل أو الإعراب ، إن كان المخالف واحدا ، وإلا فأكثر حسبما يتفق ، سواء ( سميا ) هذا الراوي ; أي : كتبه باسمه ، وكذا بما يقوم مقامه مما يعرف به ( أو ) رمز له ( رمزا ) بحرف أو أكثر ، كما مر في كتابة الحديث وضبطه ، مع زيادة إيضاح مما كان الأنسب ضمهما بمكان واحد .

( أو ) بالنقل ( بكتبها ) ; أي : الزيادة ونحوها [ ص: 106 ] من إبدال وإعراب ، وهو الطريق الثاني حال كونه ( معتنيا ) به ( بحمرة ) كما فعله أبو ذر الهروي من المشارقة ، وأبو الحسن القابسي من المغاربة ، وكثير من الشيوخ والمقيدين ، غير ناظرين لحكاية تلميذ صاحب ( الهداية ) من الحنفية عن السلف الصالح كراهة الكتابة بها ; لأنها شعار المجوس وطريقة القدماء من الفلاسفة ، أو بخضرة أو صفرة أو غيرها من الألوان المباينة للمداد المكتوب به الأصل .

( وحيث زاد الأصل ) الذي أصل عليه شيئا ( حوقه ) بدائرة كما شرح قريبا ، أو بـ ( لا ) ثم ( إلى ) ، ويكون ما يسلكه من هذا ( بحمرة ) أو خضرة أو غيرهما ( ويجلو ) أي : يوضح مراده من رمز أو لون ، بأن يقول مثلا : قد رمزت في كتابي هذا لفلان بكذا ، أو أشرت لفلان بالحمرة أو بالخضرة . أو نحو ذلك بأول كل مجلد أو آخره على ما سبق ، ولا يعتمد حفظه في ذلك وذكره ، فربما نسي ما اصطلحه فيه لطول العهد ، بل ويتعطل غيره ممن يقع له كتابه عن الانتفاع به حيث يصير في حيرة وعمى ، ولا يهتدي للمراد بتلك الرموز أو الألوان .

واعلم أن العناية باختلاف الروايات مع الطرق من المهمات ، وهو أحد الأسباب المقتضية لامتياز ( شرح البخاري ) لشيخنا على سائر الشروح ، ولكن فيه محذور للقاصرين حيث يضم حين قراءته أو كتابته رواية مع أخرى فيما لا يصح التلفيق فيه ، وقد قال ابن الصلاح : وليكن فيما تختلف فيه الروايات قائما بضبط ما يختلف فيه في كتابه ، جيد التمييز بينها ، كيلا تختلط وتشتبه فيفسد عليه أمرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية