( و ) روي ( عن ) ( المنع ) ، وأنه لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه وتذكره للمروي تفصيلا من حين سمعه إلى أن يؤديه . الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي
قال فيما رواه ابن معين الخطيب : كان [ ص: 125 ] أبو حنيفة يقول : لا يحدث الرجل إلا بما يعرف ويحفظ . و ( كذا ) روي عن كما أخرجه جماعة منهم الإمام ( مالك ) هو ابن أنس الخطيب في ( الحث على طلب الحديث ) له ، واللفظ له من حديث وأبو الفضل السليماني ، عن ابن عبد الحكم قال : سألت أشهب بن عبد العزيز مالكا : - زاد أيؤخذ العلم عمن لا يحفظه الخطيب : وهو ثقة صحيح - ؟ قال : لا . قلت له : إنه يخرج كتابه ويقول : هو سماعي . قال : أما أنا فلا أرى أن يحمل عنه ، فإني لا آمن أن يكتب في كتابه - يعني ما ليس منه - زاد الخطيب : بالليل - ثم اتفقا - وهو لا يدري .
( و ) روي أيضا عن أحد أئمة الشافعية أبي بكر ( الصيدلاني ) المروزي ، ونسب للزين الكتناني من المتأخرين اختياره ، حتى كان يقول : أنا لا يحل لي أن أروي إلا حديث : (
أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب
) لأني من حين سمعته لم أنسه .وظاهر قول رضي الله عنه : أما بعد ، فإني أريد أن أقول مقالة قد قدر أن أقولها ، لا أدري لعلها بين يدي أجلي ، فمن وعاها وعقلها وحفظها فليحدث بها حتى تنتهي به راحلته ، ومن خشي ألا يعيها فإني لا أحل لأحد أن يكذب علي . عمر بن الخطاب
وحديث الذي أخرجه أبي موسى الغافقي الحاكم في [ ص: 126 ] ( مستدركه ) بلفظ : قد يشهد له . آخر ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال : ( عليكم كتاب الله ، وسترجعون إلى قوم يحبون الحديث عني - أو كلمة تشبهها - فمن حفظ شيئا فليحدث به )
ولذا استدل بهما الخطيب في ( الكفاية ) على وجوب ، وأنه يروي ما لا يرتاب في حفظه ، ويتوقف عما عارضه الشك فيه . التثبت في الرواية حال الأداء
وقال الحاكم عقب المرفوع : ( قد جمع هذا الحديث لفظتين غريبتين : إحداهما قوله : ( يحبون الحديث ) . والأخرى قوله : ( فمن حفظ شيئا فليحدث به ) قال : وقد ذهب جماعة من أئمة الإسلام إلى أنه ليس للمحدث أن يحدث بما لم يحفظه ) . انتهى .
وكذا يشهد له قول هشيم : من لم يحفظ الحديث فليس هو من أصحاب الحديث ، يجيء أحدهم بكتاب كأنه سجل مكاتب . ومن ثم - كما قال شيخنا - قلت الرواية عن بعض من قال بهذا مع كونه في نفس الأمر كثير الرواية .
وعلى كل حال فهو - كما قال - من مذاهب المتشددين الذين أفرطوا وباينوا بصنيعهم المتساهلين الذين فرطوا ، بحيث قالوا بالرواية بالوصية والإعلام والمناولة المجردات ، ومن النسخ التي لم تقابل ، ونحو ذلك مما بسط في محاله . ابن الصلاح
والصواب الأول ، وهو الذي عليه الجمهور ، سواء كان كتابه بيده أم بيد ثقة ضابط ، وإن اشترط بعضهم - والحالة هذه - كونه بيده ، كما سلف في أول الفروع التالية لثاني أقسام التحمل ، وسواء خرج كتابه عن يده أم لا ، إذا غلب على الظن سلامته ، وإن منع منه بعضهم كما سيأتي قريبا .
وسواء حدث من كتابه ابتداء [ ص: 127 ] أو حفظ من كتابه ثم حدث من حفظه ، لكن قد كان شعبة ربما نص على أن حفظه من كتابه لئلا يتوهم - والله أعلم - أنه حفظه من فم شيخه ابتداء . ثم إن المصنف لم يتعرض لتصويب لما ذهب إليه الأكثر ، وقد نظم ذلك بعضهم فقال : ابن الصلاح
وصوب الشيخ لقول الأكثر وهو الصواب ليس فيه نمتري