الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ حكم ذكر بعض أوصاف الشيوخ ] :

( والشيخ ) المملي ( ترجم الشيوخ ) الذي روى أو أفاد عنهم بذكر بعض أوصافهم الجميلة ، ( ودعا ) أيضا لهم بالمغفرة والرحمة ، إذ هم آباؤهم في الدين ، ووصلة بينه وبين رب العالمين ، وهو مأمور بالدعاء لهم وبرهم وذكر مآثرهم والثناء عليهم وشكرهم ، وقد قال ابن راهويه : قل ليلة إلا وأنا أدعو فيها لمن كتب عنا ، ولمن كتبنا عنه .

وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : ( سمعت خليلي الصادق المصدوق ) .

وقال ابن مسعود : ( وحدثني الصادق المصدوق ) .

وقال عبد الله بن يزيد : ( ثنا البراء وهو غير كذوب ) .

وقال أبو مسلم الخولاني فيما رواه مسلم : ( حدثني الحبيب الأمين - أما هو إلي فحبيب وأما هو عندي فأمين - عوف بن مالك ) .

وقال مسروق : ( حدثتني الصديقة ابنة الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة عائشة ) . [ ص: 259 ] وقال عطاء بن أبي رباح : ( حدثني البحر . يريد ابن عباس ) .

وقال الشعبي : ( ثنا الربيع بن خثيم ، وكان من معادن الصدق ) .

وقال ابن عيينة : ( ثنا أوثق الناس أيوب ) .

وقال شعبة : ( حدثني سيد الفقهاء أيوب ) .

وقال هشام بن حسان : ( حدثني أصدق من أدركت من البشر محمد بن سيرين ) .

وقال وكيع : ( ثنا سفيان أمير المؤمنين ) .

وقال محمد بن بشر : ( ثنا الثقة الصدوق المأمون خالد بن سعيد ) .

وقال الحسن بن الصباح البزار : ( ثنا أحمد بن حنبل شيخنا وسيدنا ) .

وقال يعقوب بن سفيان : ( ثنا الحميدي ، وما لقيت أنصح للإسلام وأهله منه ) .

وقال ابن خزيمة : ( ثنا من لم تر عيناي مثله محمد بن أسلم الطوسي ) . وقال العلائي : ( ثنا الإمام أبو إسحاق الطبري وهو أجل شيخ لقيته . في أشباه لهذا كثيرة ) .

وليحذر من التجاوز إلى ما لا يستحقه الشيخ ، كأن يصفه بالحفظ وهو غير حافظ ; لما يترتب على ذلك من الضرر .

وكذا يترجم شيوخه بذكر أنسابهم ، فقد قال الخطيب : وإذا فعل المستملي ما ذكرته ، يعني من قوله : من ذكرت . إلى آخره ، قال الراوي : ثنا فلان ، ثم نسب شيخه الذي سماه حتى يبلغ بنسبه منتهاه ، كقول شاذان : ثنا سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثور بني تميم ، وثنا شريك بن عبد الله بن أبي شريك بن الحارث النخعي ، وثنا الحسن بن صالح بن حي الهمداني ثم الثوري ثور همدان ، وثنا شعبة بن الحجاج أبو بسطام مولى الأزد ، وثنا عبد الله بن المبارك الخراساني . قال : والجمع بين اسم الشيخ وكنيته أبلغ في إعظامه ، وأحسن في تكرمته . [ ص: 260 ] قال عباس الدوري : قلما سمعت أحمد يسمي ابن معين باسمه ، إنما كان يقول : قال أبو زكريا .

وعن الحسن أنه قال : يجب للعالم ثلاث خصال : تخصه بالتحية ، وتعمه بالسلام مع الجماعة ، ولا تقل : ثنا فلان . بل قل : ثنا أبو فلان . وإذا قرأ فمل لا يضجر .

وللبخاري في ( الأدب المفرد ) عن أبي هريرة قال : ( لا تسم أباك باسمه ، ولا تمش أمامه ، ولا تجلس قبله ) .

وعن شهر بن حوشب قال : ( خرجت مع ابن عمر فقال له سالم : الصلاة يا أبا عبد الرحمن ) .

وعن ابن عمر أنه قال : لكن أبو حفص عمر يقضي .

قال الخطيب : وجماعة يقتصرون على اسم الراوي دون نسبه إذا كان أمره لا يشكل ، ومنزلته من العلم لا تجهل ، كعامة أصحاب ابن المبارك حيث يروون عنه باسمه فقط لا ينسبونه ، وكذا إذا كان اسمه مفردا عن أهل طبقته لحصول الأمان من دخول الوهم في تسميته ; كقتادة ومسعر ، ومنهم من يقتصر على شهرته بالنسبة إلى أبيه أو قبيلته ولا يسميه ، كابن لهيعة وابن عيينة والشعبي والثوري ، وكل ذلك جائز .

التالي السابق


الخدمات العلمية