الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ انتقاء المروي وفهم الفائدة فيه ] : ( وانتقه ) أي المروي أيضا بحيث يكون أبلغ نفعا ، وأعم فائدة ، وأنفعه - كما قال الخطيب - الأحاديث الفقهية التي تفيد معرفة الأحكام الشرعية ; كالطهارة ، والصلاة ، والصيام ، والزكاة ، وغيرها من العبادات ، وما يتعلق بحقوق المعاملات ، ففي حديث : ( ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين ) .

قال الخطيب : ويستحب أيضا إملاء الأحاديث المتعلقة بأصول المعارف [ ص: 265 ] والديانات ، وأحاديث الترغيب في فضائل الأعمال ، وما يحث على القراءة وغيرها من الأذكار .

زاد غيره : والتزهيد في الدنيا ، بل الأنسب أن يتخير لجمهور الناس أحاديث الفضائل ونحوها ، وللمتفقهة أحاديث الأحكام .

( وأفهم ) بفتح الهمزة ، السامعين ( ما فيه من فائدة ) في متنه أو سنده ; من بيان لمجمل أو غرابة أو نحوهما ، وأظهر غامض المعنى وتفسير الغريب ، وتحر إيضاح ذلك وبيانه ، كما أشار إليه الخطيب .

وروي عن ابن مهدي أنه قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لكتبت بجنب كل حديث تفسيره . وعن أبي أسامة قال : تفسير الحديث ومعرفته خير من سماعه .

وهذا على وجه الاستحباب ، وإلا فقد قيل للزهري في حديث : ( ليس منا من لطم الخدود ، وليس منا من لم يوقر كبيرنا ) ما معناه ؟ فقال : من الله العلم ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم . وسأل رجل مطرا عن تفسير حديث حدث به ، فقال : لا أدري ، إنما أنا زاملة . فقال له الرجل : جزاك الله من زاملة خيرا ، فإن عليك من كل حلو وحامض .

وسئل أيوب السختياني عن تفسير حديث ، فقال : ليتنا نقدر أن نحدث كما سمعنا ، فكيف نفسر ؟ ! قال الخطيب : ويستحب أن ينبه على فضل ما يرويه ، ويبين المعاني التي لا يعرفها إلا الحفاظ من أمثاله وذويه ، فإن كان الحديث قد كتبه عنه بعض الحفاظ المبرزين ، أو أحد الشيوخ المتقدمين ، نبه عليه ، أو كان عاليا علوا متفاوتا أرشد بوصفه إليه .

وإنما قيد الوصف بالعلو المتفاوت ; لأن المفهوم عند إطلاق [ ص: 266 ] العلو شمول أقل درجاته ، وبذلك لا يحصل تمييز المتناهي .

قال : وكذا إذا كان راويه غاية في الثقة والعدالة ، أو من أهل الفقه والفتيا ، أو كان الحديث من عيون السنن وأصول الأحكام ، وصفه بذلك ، ويعين تاريخ السماع القديم ، وتفرده بذاك الحديث ، وكونه لا يوجد إلا عنده ، إن كان كذلك ، وإن كان الحديث معلولا بين علته ، أو في إسناده اسم يشاكل غيره في الصورة ، ضبطه بالحروف ليزول الإلباس .

( ولا تزد عن كل شيخ ) من شيوخك ( فوق متن ) واحد فإنه أعم للفائدة وأكثر للمنفعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية