الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7867 [ ص: 360 ] 3857 - (7926) - (2 \ 293) عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: " إن للمنافقين علامات يعرفون بها: تحيتهم لعنة، وطعامهم نهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هجرا، ولا يأنون الصلاة إلا دبرا، مستكبرين، لا يألفون ولا يؤلفون، خشب بالليل، صخب بالنهار". وقال يزيد مرة: "سخب بالنهار".

التالي السابق


* قوله: " تحيتهم لعنة ": كأن المراد: أنهم يكثرون بها إكثار المؤمن السلام، لا أنهم يقولون فيما بينهم عند الملاقاة: لعنة الله، موضع السلام، أو يقولون ذلك للمؤمنين; فإنه بعيد، ولا أنهم وإن قالوا: السلام عليكم فيما بينهم، إلا أنه يكتب لهم اللعنة موضع ذلك; فإن هذا لا يصلح علامة يعرفون بها، والله تعالى أعلم .

* " نهبة ": - بضم فسكون - : المال المنهوب المأخوذ قهرا، ولعل المراد: أنهم لا يأخذون المال بالوجه الحلال، ويأكلون ولا يبالون بأي وجه حصل، أو المراد: أنهم إذا أكلوا فيما بينهم، أو مع غيرهم، أكلوا بحيث كأن كلا يريد أن يأكل هو دون صاحبه .

* " غلول ": أي: الأخذ من غنائم المسلمين بالسرقة، والمطلوب: أنه لا غنيمة لهم، وإنما لهم الغلول .

* " ولا يقربون ": - بفتح الراء - ، قال تعالى: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى [النساء: 43] .

* " إلا هجرا ": - بفتح فسكون - ; أي: إلا تركا له، وإعراضا عنه; من هجرته هجرا: إذا تركته وأغفلته، وهذا الاستثناء إما للمبالغة في النفي; مثل: لا عيب فيهم غير أن سيوفهم، البيت، أو لأن المراد بقوله: لا يقربون: لا يقصدونها إلا بالإعراض. [ ص: 361 ] ويمكن أن يكون "هجرا" - بضم فسكون - : بمعنى القبيح من القول; أي: لا يأتون المساجد إلا للتكلم فيها بما لا يليق .

* " إلا دبرا ": - بضمتين أو سكون الثاني، هو منصوب - : ظرف; أي: حين أدبر وقتها، والدبر: آخر الشيء. وفي "المجمع ": "دبرا ": - بالفتح والضم - ، والله تعالى أعلم .

* " مستكبرين ": حال مما يفهم من السابق; أي: يفعلون ذلك مستكبرين، أو مما بعده; أي: لا يألفون ولا يؤلفون مستكبرين، والأول منهما على بناء الفاعل، والثاني على بناء المفعول، والمراد: أنهم من قبح عاداتهم وسوء خصالهم لا يجري بينهم وبين المؤمنين، أو ولا فيما بينهم، الألفة والمحبة .

* " خشب ": - بفتحتين أو بضمتين - ، وكذا "صخب" والصخب - بفتحتين - : الصوت المختلط، أو الشديد، والمراد: أنهم لا يقومون، ولا يذكرون الله بالليل، فهم كالخشب، وأنهم من كثرة اللغو في النهار كأنهم الصخب، والله تعالى أعلم. وفي "المجمع ": رواه أحمد، والبزار، وفيه عبد الملك بن قدامة الجمحي، وثقه يحيى بن معين وغيره، وضعفه الدارقطني وغيره .

* * *




الخدمات العلمية