الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7868 3858 - (7927) - (2 \ 293 - 294) عن أبي هريرة، المعنى: أن الناس قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! هل نرى ربنا - عز وجل - يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هل تضارون في القمر ليلة البدر؟" قالوا: لا يا رسول الله، قال: [ ص: 362 ] "فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟"، قالوا: لا، قال: "فإنكم ترونه كذلك، يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقال: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من يعبد الشمس الشمس، ويتبع من يعبد القمر القمر، ويتبع من يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها، أو منافقوها - قال أبو كامل: شك إبراهيم - ، فيأتيهم الله - عز وجل - في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا، عرفناه، فيأتيهم الله - عز وجل - في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه، ويضرب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجوزه، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم السعدان؟ "، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تعالى، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم الموبق بعمله" أو قال: "الموثق بعمله، أو المخردل، ومنهم المجازى" - قال أبو كامل في حديثه: شك إبراهيم - ، "ومنهم المخردل أو المجازى، ثم ينجى، حتى إذا فرغ الله - عز وجل - من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا، ممن أراد الله أن يرحمه، ممن يقول: لا إله إلا الله، فيعرفونهم في النار، يعرفونهم بأثر السجود، تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود، حرم الله - عز وجل - على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة - وقال أبو كامل: الحبة، أيضا - في حميل السيل. ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار، وهو آخر أهل الجنة دخولا، فيقول: أي رب! اصرف وجهي عن النار، فإنه قد قشبني ريحها، وأحرقني دخانها، [ ص: 363 ] فيدعو الله ما شاء أن يدعوه، ثم يقول الله - عز وجل - : هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غيره; فيقول: لا وعزتك! لا أسأل غيره، ويعطي ربه - عز وجل - من عهود ومواثيق ما شاء، فيصرف الله - عز وجل - وجهه عن النار، فإذا أقبل على الجنة، ورآها، سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب! قربني إلى باب الجنة، فيقول الله - عز وجل - له: ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك ألا تسألني غير ما أعطيت؟! ويلك يا ابن آدم، ما أغدرك! فيقول: أي رب! فيدعو الله، حتى يقول له: فهل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره; فيقول: لا وعزتك! لا أسأل غيره، فيعطي ربي - عز وجل - ما شاء من عهود ومواثيق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا قام على باب الجنة، انفهقت له الجنة، فرأى ما فيها من الحبرة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب! أدخلني الجنة، فيقول الله - عز وجل - له: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك ألا تسألني غير ما أعطيت؟! ويلك يا بن آدم، ما أغدرك! فيقول: أي رب! لا أكون أشقى خلقك، فلا يزال يدعو الله، حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك الله - عز وجل - منه، قال: ادخل الجنة، فإذا دخلها قال الله - عز وجل - له: تمنه، فيسأل ربه - عز وجل - ويتمنى، حتى إن الله - عز وجل - ليذكره، يقول: من كذا وكذا، حتى إذا انقطعت به الأماني، قال الله - عز وجل - له: لك ذلك، ومثله معه". قال عطاء بن يزيد: وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة، لا يرد عليه من حديثه شيئا، حتى إذا حدث أبو هريرة أن الله - عز وجل - قال لذلك الرجل: "ومثله معه"، قال أبو سعيد: وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة. قال أبو هريرة: ما حفظت إلا قوله: "ذلك لك ومثله معه"، قال أبو سعيد : أشهد أني حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله في ذلك الرجل: "لك عشرة أمثاله". قال أبو هريرة: وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا. [ ص: 364 ]

التالي السابق


[ ص: 364 ] * قوله: " تضارون ": - بفتح التاء أو ضمها وتشديد الراء - ; أي: هل يصيبكم ضرر في رؤية الشمس؟ والثاني: من النفاق .

* " فأكون أنا وأمتي أول من يجوزه ": يحتمل أن المراد: أنه أول نبي، وأمته أول أمة في الجواز، فلا يلزم تقديم غير الأنبياء عليهم، أو يقال: هو فضل جزئي، فيجوز. أو يقال: إنهم يتقدمون معا، ومثله لا يعد فضلا للتابع، بل هو فضل للمتبوع .

* * *




الخدمات العلمية