الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وللخنثى المشكل : [ ص: 703 - 707 ] نصف نصيبي ذكر وأنثى ، تصحح المسألة على التقديرات ، [ ص: 708 ] ثم تضرب الوفق ، أو الكل ، ثم في حالتي الخنثى : تأخذ من كل نصيب من الاثنين : النصف ، وأربعة الربع ، فما اجتمع : فنصيب كل : كذكر ، وخنثى ، فالتذكير من اثنين ، والتأنيث من ثلاثة ، تضرب الاثنين فيها ، [ ص: 709 ] ثم في حالتي الخنثى له في الذكورة : ستة ; وفي الأنوثة : أربعة ، فنصفها خمسة وكذلك غيره ، [ ص: 710 - 712 ] وكخنثيين ، وعاصب ، فأربعة أحوال ، تنتهي لأربعة وعشرين ، لكل أحد عشر ، وللعاصب : اثنان ،

التالي السابق


( وللخنثى ) بضم الخاء المعجمة وسكون النون وفتح المثلثة مقصورا ( المشكل ) بضم فسكون فكسر ، أي الذي لم تتضح ذكورته ولا أنوثته . الحط الكلام عليه من وجوه ، الأول في ضبطه هو بضم الخاء المعجمة وسكون النون وبالثاء المثلثة وبعدها ألف تأنيث مقصورة والضمائر الراجعة إليه تذكر ، وإن بانت أنوثته ; لأن مدلوله شخص صفته كذا وكذا ، وجمعه خناثى وخناث . الثاني : في اشتقاقه وهو مأخوذ من قولهم خنث الطعام إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه المقصود منه . الثالث : في بيان معناه ، قال في الصحاح الخنثى الذي له ما للرجال والنساء جميعا ا هـ وقال الفقهاء هو من له ذكر الرجال وفرج النساء هذا هو المشهور فيه وقيل يوجد نوع منه ليس له واحد منهما وله ثقب بين فخذيه يبول منه لا يشبه أحد الفرجين .

الرابع في أقسامه : الخنثى على قسمين مشكل وواضح ، فأما من ليس له واحد من فرجي الرجال والنساء فقال الشافعية هو مشكل أبدا ، وأما على مذهبنا فيمكن اتضاحه بنبات لحية فقط أو ثدي فقط ، وأما من له الآلتان فإن ظهرت فيه علامة الرجال فقط حكم بذكوريته ، وإن ظهرت فيه علامة النساء فقط حكم بأنوثيته ، ويسمى في الحالين واضحا . وإن لم توجد فيه العلامتان أو وجدت فيه العلامتان واستوتا فهو مشكل .

الخامس : في وجوده ، أما الواضح فوجد بلا خلاف ، واختلف في وجود الخنثى المشكل فالجمهور على إمكان وجوده ، بل على وقوعه ، وعلى هذا بنى الفراض والفقهاء مسائل هذا الباب ، وذهب الحسن البصري التابعي رضي الله تعالى عنه والقاضي إسماعيل إلى أنه لم يوجد ولا يوجد خنثى مشكل ; لأن الله سبحانه لا يضيق على عبده حتى لا [ ص: 703 ] يدرى أذكر هو أم أنثى فلا بد له من علامة تزيل إشكاله

السادس : في أنه صنف ثالث غير الذكر والأنثى أو هو أحدهما ، وأشكل علينا لقوله تعالى { وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى } فلو كان ثالثا لذكره الله تعالى ; لأن الآية للامتنان العقباني لقائل أن يقول إنما سيقت الآية للرد على الزاعمين أن لله تعالى ولدا ، فمنهم من زعم أن له ولدا ذكرا كاليهود والنصارى ، ومنهم من زعم أن له بنات ، فرد الله تعالى عليهم بأنه خلق الصنفين فكيف يكون له منهما ولد وهو الخالق ، ولم يزعم أحد أن له ولدا خنثى ، فلم يحتج في الرد عليهم إلى ذكر الخنثى ، واستدل أيضا بقوله تعالى { وبث منهما رجالا كثيرا ونساء } ، وبقوله تعالى { يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور } ، فلو كان هناك خلق ثالث لذكر .

السابع : في ذكر أول من حكم فيه في الجاهلية والإسلام . عبد الحق عن بعض شيوخه أول من حكم فيه عامر بن الظرب في الجاهلية نزلت به قصته فسهر ليلته فقالت له خادمته سخيلة راعية غنمه ما أسهرك يا سيدي ، فقال لا تسأليني عما لا علم لك به ليس هذا من رعي الغنم ، فذهبت ثم عادت وأعادت السؤال فأعاد جوابه ، فراجعته وقالت لعل عندي مخرجا فأخبرها بما نزل به من أمر الخنثى ، فقالت أتبع الحكم المبال ، ففرح وزال غمه . زاد المتيطي وكان الحكم إليه في الجاهلية فاحتكموا إليه في ميراث خنثى ، فلما أخبرته بذلك حكم به عبد الحق وغيره ثم حكم به في الإسلام علي رضي الله تعالى عنه ، وفي النهاية كان عامر حاكم العرب فأتوه في ميراث خنثى فأقاموا عنده أربعين يوما وهو يذبح لهم كل يوم وله أمة اسمها سخيلة ، فقالت إن مقام هؤلاء في غنمك ، فقال ويحك لم يشكل علي حكومة قط غير هذا ، فقالت أتبع الحكم المبال فقال فرجتها يا سخيلة ، فصار مثلا .

الأذرعي في ذلك عبرة ومزدجر لجهلة قضاة الزمان ومفتيه ، فإن هذا مشرك توقف في حكم حادثة أربعين يوما ولا قوة إلا بالله ، وفيه عبرة أخرى وهي أن الحكمة قد يخلقها [ ص: 704 ] الله تعالى ويجريها على لسان من لا يظن به معرفتها ، ويحجبها عن إدراك أصحاب الفطنة والعقول المستعدة لها .

وذكر ابن إسحاق القصة فقال أمر عامر بن الظرب كانت العرب لا يكون بينها نائرة ولا معضلة في قضاء إلا أسندوا ذلك إليه ، ثم رضوا بما قضى فيه فاختصموا إليه في خنثى له ما للرجل وما للمرأة ، فقال حتى أنظر في أمركم فوالله ما نزل بي مثل هذه منكم يا معشر العرب ، فبات ليلته ساهرا يقلب أمره وينظر في شأنه لا يتوجه له فيه وجه ، وكانت له جارية يقال لها سخيلة ترعى عليه غنمه ، وكان يعاتبها إذا سرحت فيقول أصبحت والله يا سخيل ، وإذا راحت عليه قال أمسيت والله يا سخيل ; لأنها كانت تؤخر السرح حتى يسبقها بعض الناس ، وتؤخر الرواح حتى يسبقها بعض الناس ، فلما رأت سهره وقلة قراره على فراشه قالت له ما بالك لا أبا لك ما تراك في ليلتك هذه ، قال ويلك عني أمر ليس من شأنك ، ثم عادت له بمثل قولها فقال في نفسه عسى أن تأتي بفرج ، فقال ويحك اختصم إلي في ميراث خنثى فوالله ما أدري ما أصنع ، فقالت سبحان الله لا أبا لك أتبع القضاء المبال أقعده فإن بال من حيث يبول الرجل فرجل ، وإن بال من حيث تبول المرأة فامرأة ، فقال عسى سخيل بعدها ، أو صبحي فرجتها والله ، ثم خرج على الناس حين أصبح فقضى بالذي أشارت به عليه .

أبو القاسم السهيلي المالكي هذا حكم معمول به في الشرع ; لأنه من باب الاستدلال بالأمارات والعلامات ، وله أصل في الشريعة ، قال الله تعالى { وجاءوا على قميصه بدم كذب } إذ القميص المدمى لم يكن به خرق ولا أثر أنياب ذئب . وكذا قوله تعالى { إن كان قميصه قد من قبل } الآية والله أعلم .

الثامن اختلف العلماء في ميراثه على أحد عشر قولا ، أحدها وهو المشهور أنه يجب له نصف الميراثين على طريقة ذكر الأحوال أو ما يساويها من الأعمال ، على أن يضعف لكل مشكل بعدد أحوال من معه من المشكلين . [ ص: 705 ]

ثانيها لابن حبيب أن كل وارث من الخنثى وغيره في المال بأكثر ما يستحق فيقسمونه على طريقة عول الفرائض ، فإن كان له ولدان ذكر وخنثى ضرب الذكر بالثلثين ; لأنه أكثر ما يدعي والخنثى بالنصف ; لأنه أكثر ما يدعي .

الثالث لابن حبيب أيضا أنه يأخذ ثلاثة أرباع المال فأقل ، فإن كان معه غيره ممن ليس بمشكل فإنه يضرب بثلاثة أرباع مما يضرب به الذكر ، وإن كان وحده ليس معه إلا من يحجبه لو كان ذكرا أخذ ثلاثة أرباع المال وأخذ العاصب الربع وإن كان معه ابن ضرب الخنثى بثلاثة أرباع النصف ، إذ هو أكثر ميراثه وإن كان معه اثنان ضرب بثلاثة أرباع الثلث ، وإن كان معه بنت ضرب بثلاثة أرباع الثلثين .

رابعها : ما حكي عن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه أنه قال هو ذكر زاده الله تعالى فرجا تغليبا لجانب الذكورية ، وقد غلب جانبها مع الانفصال ، يعني في الخطاب لو كان المخاطب رجلا واحدا وألف امرأة لخوطب الجميع خطاب الذكور ، فكيف وهو متصل هنا ، والصحيح أنه لم يصح عن مالك فيه شيء الحوفي ابن القاسم لم يجترئ أحد أن يسأل مالكا عن الخنثى المشكل ولفظ المدونة وما اجترأنا على سؤال مالك عنه .

خامسها : كالمشهور في غير مسائل العول ، وأما فيها فينظر كم التقادير في المسألة وكم تقادير العول فيها ، ويؤخذ بتلك النسبة من العول فيجعل عول المسألة مثاله عول الغراء ثلاثة ، فلو فرضت الأخت فيها خنثى فإنما يحصل العول فيها في حالة التأنيث فقط ، فللعول تقدير واحد ونسبته إلى مالي الخنثى النصف ، فيؤخذ نصف العول ويجعل عول المسألة فتكون مسألة التأنيث فيها عائلة إلى سبعة ونصف وسيأتي كيفية حسابه ، مثاله الغراء المتقدمة زوج وأم وجد وأخ خنثى مشكل ، فتقدير ذكورته مسألته من ستة بلا عول ، ولا شيء للأخ ، وتقدير أنوثته من ستة وتعول لتسعة وتصح من سبعة وعشرين موافقة الستة بالثلث ، فتضرب إحداهما في ثلث الأخرى بأربعة وخمسين تضربها في حالي الخنثى بمائة وثمانية ، فعلى تقدير ذكورته للزوج النصف أربعة وخمسون وللأم الثلث ستة وثلاثون وللجد السدس ثمانية عشر ، وعلى التأنيث للزوج ستة وثلاثون وللأم أربعة [ ص: 706 ] وعشرون ، وللجد اثنان وثلاثون ، وللخنثى ستة عشر فيجتمع للزوج تسعون له نصفها وللأم ستون لها نصفها ، وللجد خمسون له نصفها ، وللخنثى ستة عشر له نصفها وصورتها هكذا :

السادس : مثل الخامس ، إلا أنه في الغراء يضم الجد نصف سهامه ; لأنه يقول إنما أضم جملة سهامي إلى جملة سهامك وأنت لم تستوف جملة سهامك .

السابع : قسم المال على أقل ما يدعيه كل واحد بشرط أن لا يؤدي إلى سقوط أحد من الطالبين .

الثامن : مذهب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه إعطاء كل وارث خنثى كان أو غيره أقل ما يستحقه ، ومنع من يسقط في بعض التقادير وإيقاف المشكوك فيه حتى يتبين أمر الخنثى أو يصطلحوا على شيء .

التاسع : مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه إعطاء الخنثى أقل ما يجب له وغيره أكثر ما يجب له ولا إيقاف .

العاشر : كالأول إلا أن الأحوال لا تضعف بعدد المشكلين ويقتصر على حالين وهو قول الثوري وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رضي الله تعالى عنهم وعن أبي يوسف ، مثل قول أبي حنيفة ، وعن محمد مثل القول الأول .

الحادي عشر : أنه لا شيء له نقله الغزالي ، وحكى ابن حزم الإجماع على خلافه ، والله أعلم .

التاسع : من أوجه الكلام على الخنثى في كون ميراثه ميراثا ثالثا مشروعا مغايرا لميراث الذكر ، وميراث الأنثى أم لا ميراث مشروع غير ميراث الذكر ، وميراث الأنثى ولكن لما تعذر علينا معرفة حقيقة حاله توسطنا فيه . العقباني هذا ينبني على أنه خلق ثالث أو هو من أحد النوعين ، وتقدم أن الجمهور على أنه ليس خلقا ثالثا فليس له ميراث ثالث ، ومن هذا علم الجواب عن الاعتراض على الفرضيين بتبيينهم أوائل كتبهم ميراث [ ص: 707 ] الذكور والإناث وعدم تبيينهم ميراث الخنثى فيها .

العاشر : في بيان السبب الذي يتصور إرث الخنثى به من أسباب الإرث الثلاثة النسب والنكاح والولاء ، فيتأتى ميراثه بالنسب كونه ولدا أو ولد ولد أو أخا أو ولد أخ أو عما وابن عم ، ولا يتأتى كونه أبا أو أما أو جدا أو جدة لمنعه من النكاح ، ففي المقدمات لا يكون الخنثى المشكل زوجا ولا زوجة ولا أبا ولا أما ، وقد قيل وجد من ولد من بطنه وولد له من ظهره ، فإن صح هذا ورث من ولده لصلبه ميراث أب كاملا ، ومن ولده لبطنه ميراث أم كاملا وهو بعيد . ا هـ . غير أن الأخ لأم يختلف ميراثه باختلاف التقدير ، وكذا الأخوات مع البنات ، وأما ميراثه بالنكاح فلا يتأتى إلا عند من يجيز نكاحه ، وأما ميراثه بالولاء فيرث به ما يرث به النساء ، ولا يختلف بتقدير ذكورته وتقدير أنوثته .

العقباني قالوا لا يرث بالولاء ; لأن الولاء إنما يورث بتعصيب مستكمل ، ولا يستكمل الخنثى تعصيبا . قلت يلزم أن لا يرث ببنوة ; لأن الولد إن كان وحده لا يلزم إلا استكمالا أو نصفا ، وكذا يقال في كل مسألة من هذا نشأ القول الحادي عشر .

الحادي عشر : في كيفية العمل في توريث الخنثى ، ولنذكر هنا كلام المصنف رحمه الله تعالى قال رحمه الله تعالى ( وللخنثى المشكل نصف نصيبي ) بفتح الباء مثنى نصيب بلا نون لإضافته ل ( ذكر وأنثى ) يعني أن الخنثى إذا كان مشكلا فله نصف نصيبه على تقدير كونه ذكرا ونصف نصيبه على تقدير كونه أنثى ، ومفهوم المشكل أن المتضح له ميراث الذكر فقط أو الأنثى فقط وهو كذلك .

ثم ذكر كيفية العمل فقال ( تصحح ) يا حاسب ( المسألة على التقديرات ) أراد بها ما زاد على واحد ، فإن كان فيها خنثى واحد فتصححها على تقديره ذكرا وعلى تقديره أنثى ، وإن كان فيها خنثيان فتصححها على تقديرهما ذكرين ، وعلى تقديرهما أنثيين ، وعلى تقدير الأكبر ذكرا والأصغر أنثى وعلى عكسه ، وإن كان فيها ثلاث خناثى فيأتي فيها ثماني تقديرات ، وإن كانوا أربعة فستة عشر تقديرا وهذا مهما زاد خنثى فتضعف عدد التقديرات ، وتصحح على تقدير مسألة ثم تنظر ما بين المسألتين أو المسائل من التماثل ، [ ص: 708 ] فتكتفي بواحدة أو التداخل فتكتفي بالكبرى أو التوافق .

( ثم تضرب ) يا حاسب ( الوفق ) من إحدى المسألتين في كل الأخرى إن توافقتا ( أو ) التباين فتضرب ( الكل ) في الكل إن تباينتا ( ثم ) تضرب أحد المثلين أو أكبر المتداخلين أو الخارج من ضرب الوفق أو الكل ( في ) عدد ( حالي الخنثى ) إن كان واحدا وإن كانا اثنين أو أكثر فقد علمت أن في ذلك طريقين طريق للكوفيين وطريق للبصريين أسهلهما أن تنظر بين اثنتين منهما ، ثم تنظر بين الحاصل منهما وبين الثالثة ، ثم تنظر بين الحاصل منها وبين الرابعة ، ثم تضرب الحاصل في أربعة عدد أحوال الخنثيين وفي ثمانية إن كانوا ثلاثة وفي ستة عشر إن كانوا أربعة ، ثم تقسم الحاصل على كل مسألة ، وتجمع لكل وارث ما يخرج له في كل قسمة ثم تنسب واحدا لعدد الأحوال ، وتعطي كل وارث مما اجتمع له مثل تلك النسبة .

( وتأخذ ) يا حاسب للخنثى ( من كل نصيب ) يحصل بقسمة الجامعة على المسألتين أو المسائل فتأخذ له ( من ) النصيبين ( الاثنين ) في حال اتحاد الخنثى ( النصف ) لأنه نسبة الواحد إلى الاثنين ( و ) تأخذ له من كل نصيب من ( أربعة ) إن كانا خنثيين ( الربع ) لأنه نسبة الواحد إلى الأربعة عدد الأحوال وتأخذ له من ثمانية الثمن ; لأنه نسبة واحد إلى الثمانية عدد أحوال الخناثى الثلاثة ( فما اجتمع ) من النصفين أو الأرباع أو الأثمان ( ف ) هو ( نصيب كل ) من الخناثى وغيرهم ، ومثل لذلك فقال ( كذكر وخنثى ) ابنين أو ابني ابن وأخوين لغير أم .

( فالتذكير ) أي تقدير الخنثى ذكرا مسألة تصح ( من اثنين والتأنيث ) أي تقديره أنثى تصح مسألته ( من ثلاثة ) مباينة للاثنين ( فتضرب ) يا حاسب ( الاثنين فيها ) أي [ ص: 709 ] الثلاثة بستة ( ثم ) تضرب الستة ( في ) اثنين عدد ( حالتي الخنثى ) باثني عشر تقسمها على اثنين مصحح التذكير يخرج جزء سهمها ستة ، وعلى ثلاثة مسألة التأنيث يخرج جزء سهمها أربعة ( له ) أي الخنثى ( في ) تقدير ( الذكور ستة و ) له في تقدير ( الأنوثة أربعة ) ومجموعهما عشرة ونسبة الواحد لاثنين نصف ( ف ) له ( نصفها ) أي العشر ( خمسة وكذلك ) أي الخنثى في أخذ نصف ما اجتمع أو ربعه أو ثمنه أو نصف ثمنه ( غيره ) أي الخنثى ممن معه من الورثة ، فللذكر في الذكور ستة ، وفي الأنوثة ثمانية ومجموعهما أربعة عشر فله نصفها سبعة ومجموعها مع الخمسة اثنا عشر ، وصورة ذلك هكذا :

الحط وإن شئت فخذ من الستة الخارجة من قسمة الاثني عشر على مسألة التذكير نصفها وهو ثلاثة لكل واحد من الاثنين البين والمشكل ومن الثمانية الحاصلة للبين من قسمة الاثني عشر على تقدير التأنيث نصفها أربعة وضمه للثلاثة يجتمع له سبعة ومن الأربعة الخارجة للخنثى في تقدير التأنيث نصفها اثنين ، وضمه للثلاثة يجتمع له خمسة . ابن عبد السلام ربما قالوا في الاختصار أفضل حالي الخنثى أخذه ستة وأسوأ حاليه أخذه أربعة ، فالفضل بينهما اثنان فيحمل نصفه على أسوأ حاليه ، فيكون له خمسة أو ينقص من أفضل حاليه ، فيبقى له خمسة ويحمل على أسوأ حالي البين وهي ستة ، فيصير له سبعة أو ينقص من أفضل حاليه ، وهي ثمانية فيبقى له سبعة .

وفي الجواهر وجه العمل أن يؤخذ مخرج التذكير ومخرج التأنيث ، ويضرب أحدهما في الأخر إن تباينا ، ويستغنى بأحدهما عن الآخر إن تماثلا وبأكبرهما إن تداخلا ويضرب أحدهما في وفق الآخر إن توافقا ، فما حصل من ذلك تضربه في حالتي الخنثى أو عدد أحوال الخناثى إن زادوا على الواحد ، وعدد الأحوال يعرف بالتضعيف ، فكلما زدت [ ص: 710 ] خنثى ضعفت الأحوال كلها ، فللواحد حالان وللاثنين أربعة ، وللثلاثة ثمانية وللأربعة ستة عشر ، وللخمسة اثنان وثلاثون ، وعلى هذا الترتيب فما انتهى إليه الضرب في الأحوال فمنه القسمة ، ثم لها طريقان الأولى أن تنظر بين المجتمع من الضرب كم يخص الخنثى منه على تقدير ذكورته ، وما يخصه منه على تقدير أنوثته فتضم أحدهما للآخر ثم تقسمه نصفين فتعطيه نصفه ، وكذلك سائر الورثة .

الثاني أن تضرب نصيبه من فريضة التذكير في جملة فريضة التأنيث ونصيبه من فريضة التأنيث في جملة فريضة التذكير ثم تجمع ما يخرج فيهما فهو نصيبه ، وكذلك سائر الورثة . طفي تنبيه ابن خروف لما ذكر مسألة ذكر وخنثى قال هذا عمل المتقدمين ، وفيه غبن على الخنثى بربع سهم ; لأن الذكر إذا وجب له سبعة ينبغي أنه يجب للخنثى خمسة وربع ; لأن له نصف السبعة ثلاثة ونصفا ونصف الثلاثة ونصف اثنان غير ربع ، وذلك خمسة وربع وهي نصف ميراث ذكر ونصف ميراث الثلاثة ، وهي ثلاثة أرباع ما بيد الذكر فصار عليه الغبن في ربع سهم ، ثم قال وحقيقته في سبع سهم ; لأن للذكر ستة وستة أسباع ، وللخنثى خمسة وسبعا ; لأن له ثلاثة أرباع مما للذكر فكان للذكر أربعة وله ثلاثة ، فإذا قسمت الاثني عشر على مجموعهما كان للذكر ستة وستة أسباع ، وللخنثى خمسة وسبع وأقره ابن عبد السلام وعج ، وأطال في توجيهه .

الحط وناقشه في ذلك العقباني قائلا إنما يتفرع مما ذكره على القول بقسم التركة على الدعاوى وهو مخالف لهذا القول ، وأطال في ذلك طفي وهو جدير بالإنكار لا بالإقرار ; لأن القائلين له نصف نصيبي ذكر وأنثى لم يقولوه مطلقا ، وعلى كل حال وإن له ثلاثة أرباع مما للذكر كما فهم ابن خروف ، فألزمهم الغبن المذكور بل قالوه باعتبار الأحوال أو الدعوى ولا شك أنه لم يرد نص من الشارع بأن له نصف نصيبي ذكر وأنثى فيتبع ويرتفع الخلاف بل المسألة اجتهادية ، ولذا كثر فيها الخلاف ، وما ذكره المصنف هو المشهور وهو مذهب أكثر أصحاب الإمام مالك رضي الله تعالى عنهم عنهم .

وفي كتاب النكاح الثاني من المدونة هبنا أن نسأل مالكا عن أمر الخنثى ا هـ . ثم [ ص: 711 ] القائلون بهذا القول منهم من يورثه بالأحوال ، ومنهم من يورثه بالتداعي ابن يونس ذهب أكثر القائلين بنصف نصيب الذكر ونصف نصيب الأنثى إلى أنه يورث بالأحوال ، فيجعل له حالان حال يكون فيها ذكرا وحال يكون فيها أنثى ، وذهب بعض المتكلمين فيه إلى أنه يورث بالدعوى . ا هـ . وسيظهر لك الفرق بينهما وإن رجعا إلى شيء واحد فالقائلون بأن له نصف نصيبي ذكر وأنثى قيدوه بحسب الأحوال أو الدعوى وهم معترفون بأنه تارة يكون له ثلاثة أرباع ما للذكر وتارة لا ، فكيف يلزمهم الغبن المذكور .

ابن يونس إذا ترك الميت ابنا أو ابن ابن أو أخا شقيقا أو لأب وهو خنثى فله ثلاثة أرباع المال على قول من يجعل له نصف نصيبي الذكر والأنثى ، وعلى مذهب أهل الدعاوى فإن ترك ابنا ذكرا وابنا خنثى فعلى قول أهل الأحوال للذكر سبعة وللخنثى خمسة ، وكذا على قول أهل الدعاوى ; لأن الذكر يقول للخنثى لك الثلث بلا منازعة ولي النصف بلا منازعة ، ويبقى السدس ، وكل واحد منا يدعيه فيقسم بيننا فلك خمسة ولي سبعة الحوفي ترك خنثى مشكلا فله ثلاثة أرباع المال فأنت ترى إفصاحهم بأنه ليس له ثلاثة أرباع دائما ، بل تارة وهو إذا كان منفردا وتارة لا إذا كان معه غيره في درجته مع إفصاحهم بأن له نصف نصيبي الذكر والأنثى دائما ، وما ذاك إلا لما قلناه من أن ذلك مع اعتبار الأحوال أو الدعوى ، وهو اجتهاد من الأئمة رضي الله تعالى عنهم لا غبن فيه ولا خطأ ، وهو مطرد وتوجيهه واضح .

فإذا ترك ابنا خنثى مثلا فتذكيره من واحد وتأنيثه من اثنين فردهما العدد واحد باثنين واضربهما في حالتي الخنثى بأربعة ، ثم تقسم على أنه ذكر له أربعة وعلى أنه أنثى له اثنان ومجموعهما ستة له نصفها ثلاثة وللعاصب واحد ، وعلى الدعوى يقول الخنثى أنا ذكر ولي جميع المال ، ويقول العاصب أنت أنثى فلك نصفه فسلم له نصفه وتنازعا النصف الآخر فيقسم بينهما فله ثلاثة أرباع على كليهما ، وهو نصف نصيبي الذكر والأنثى ، فإن ترك ابنا خنثى وذكرا فقد علمت أن للخنثى خمسة وللذكر سبعة ، وقد علمت توجيه ذلك على [ ص: 712 ] كلا الطريقين وهو نصف نصيبي الذكر والأنثى بلا شك ; لأن نصيب الذكر من اثني عشر ستة ونصفها ثلاثة ونصيب الأنثى مع أخيها أربعة ونصفها اثنان ومجموعهما خمسة ، وكذا خنثيان مع عاصب وهي مسألة المصنف قسمها على الأحوال ظاهر ، وكذا على الدعوى يقول الخنثيان يجب لنا جميع المال في ثلاثة أحوال كوننا ذكرين ، وكون كبيرنا ذكرا وكون صغيرنا ذكرا فلنا الثلث الذي تدعيه في ثلاثة أحوال ، وهو لك في حال واحد فلك ربعه ولنا ثلاثة أرباعه ، فقد ظهر لك أن طريق الأحوال وطريق الدعاوى يرجعان لشيء واحد كما قال ابن يونس وغيره ، وظهر لك ما قلناه والحق أحق أن يتبع ، وبالله تعالى التوفيق ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عليه توكلت وإليه أنيب .

( وكخنثيين ) ابنين أو ابني ابن شقيقين أو لأب ( وعاصب ) كعم ( ف ) لهما ( أربعة أحوال ) تقديرهما ذكرين من اثنين وتقدير ذكورة الكبير وأنوثة الصغير وعكسه كلاهما من ثلاثة للذكر اثنان وللأنثى واحد ولا شيء للعاصب في الفرائض الثلاثة ، وتقديرهما أنثيين من ثلاثة أيضا لكل خنثى واحد وللعاصب واحد ، فهذه أربع فرائض ثلاثة منها متماثلة ، فيكتفى بإحداها وتضرب في اثنين لتباينهما بستة تضرب في أربعة عدد أحوال الخنثيين ف ( تنتهي ) المسألة ( لأربعة وعشرين ) تقسمها على تذكيرهما ، فلكل خنثى اثنا عشر ، وعلى تذكير الكبير له ستة عشر ، وللصغير ثمانية ، وعلى تذكير الصغير له ستة عشر وللكبير ثمانية ، وعلى تأنيثهما لكل خنثى ثمانية وللعاصب ثمانية فيجتمع لكل خنثى أربعة وأربعون ونسبة الواحد للأربعة ربع فتجعل لكل واحد ربع ما اجتمع له ف ( لكل ) من الخنثيين ( أحد عشر وللعاصب اثنان ) .

الحط وإن شئت فخذ لكل واحد ربع ما يخرج له في كل مسألة واجمع الأرباع يحصل لكل خنثى أحد عشر وللعاصب اثنان وصورتها هكذا :




الخدمات العلمية