الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 150 ] وحكم ما وجب على عواقل بجناية واحدة : كحكم الواحدة [ ص: 151 ] كتعدد الجنايات عليها ، وهل حدها سبعمائة أو الزائد على ألف ؟ قولان

التالي السابق


( وحكم ما ) أي القدر الذي ( وجب ) من الدية ( على ) كل عاقلة من ( عواقل ) للقاتلين خطأ كل قاتل من عاقلة غير عاقلة غيره بفعل واحد ، كحمل أربعة رجال مثلا صخرة فسقطت منهم على رجل فمات فقسمت ديته على عواقلهم فخص كل عاقلة ربع الدية فحكم هذا الربع ( كحكم ) الدية الكاملة المنجمة ( على ) العاقلة ( الواحدة ) في التأجيل [ ص: 151 ] بثلاث سنين ، فيؤجل كل ربع منها بثلاث سنين تحل أثلاثه بأواخرها ، وإن اختلفت دياتهم بأن كان بعضها إبلا وبعضها دنانير وبعضها دراهم ، وهذا يخصص ما تقدم من أن العاقلة لا تحمل دون ثلث الدية ، وأنها لا تؤخذ إلا من نوع واحد . ابن عرفة فيها مع غيرها إجزاء الدية الموزعة لتعدد جناتها الأجزاء لا تحمل تحمل في ثلاث سنين ، وكذا في اتحاد جان له عواقل لكونه معتقا لمن هم منها . الباجي لابن سحنون عنه إن لزمت الدية عشر عواقل لزم كل قبيلة عشرها في ثلاث سنين ولو كانت دية مجوسية .

وشبه في أن حكم ما وجب على عواقل كحكم ما وجب على عاقلة واحدة في التنجيم بثلاث سنين فقال ( كتعدد ) ديات ( الجنايات ) من واحد أو أكثر ( عليها ) أي العاقلة الواحدة كقتل رجل رجلين أو رجالا خطأ ، فتنجم الديتان أو الديات على عاقلته بثلاث سنين ، ونبه على هذا لئلا يتوهم أن الدية الثانية إنما تنجم على عاقلته بعد وفاء الأولى . وفيها من شج رجلا موضحة فذهب بها عقله وسمعه فعلى عاقلته ديتان ودية الموضحة لأنها ضربة واحدة .

( وهل حدها ) بفتح الحاء المهملة وشد الدال كذلك ، أي أقل العاقلة الذي لا يضم إليه أحد ممن بعده في الترتيب السابق ( سبعمائة ) بتقديم السن على الموحدة ، فإذا وجد هذا العدد من الأبناء فلا يضم إليهم أبناء الأبناء وإن نقصوا عنه ضموا إليهم ، فإن تمموه فلا يضاف إليهم الأب وإلا أضيف إليهم ، وعلى هذا القياس وليس المراد أنها لا تضرب على أكثر منه من مرتبة واحدة ، بل تضرب عليهم وإن كانوا سبعة آلاف مثلا ( أو ) حدها ( الزائد على ألف ) زيادة لها بال كعشرين فالألف يضم إليه غيره في الجواب ( قولان ) لسحنون .

البناني سكت المصنف عن القول بأنها لا حد لها ، وظاهر كلام ابن عرفة أنه المذهب ، [ ص: 152 ] إذ صدر به ثم حكى قول سحنون ، ونصه روى الباجي لا حد لعدد من تقسم عليهم الدية من العاقلة ، وإنما ذلك بالاجتهاد . وقال سحنون أقلها سبعمائة رجل . ابن عات المشهور عن سحنون إن كانت العاقلة ألفا فهم قليل ، فيضم إليهم أقرب القبائل إليهم . الخرشي أي هل حد العاقلة الذي لا تنقص عنه سبعمائة أو الزائد على ألف ، أي زيادة لها بال كعشرين ففوق ، فعلى الأول إن وجد أقل من سبعمائة ولو كان فيهم كفاية كمل من غيرهم ، وعلى الثاني لو وجد أقل من الزائد على ألف كمل حتى يبلغ ذلك ، وبعبارة وهل حد العاقلة الذي لا يضم إليه من بعده بعد بلوغه ، فإذا وجد هذا العدد من الفصيلة مثلا فلا يضم إليه الفخذ . وإذا كمل من الفصيلة والفخذ فلا يضم إليهما البطن ، وهكذا إلا أن هذا حد لمن تضرب عليه بحيث إذا قصروا عنه لا يضرب عليهم لفساده فإنها تضرب على كل من له قوة الضرب وإن قل بقدر ما لا يضر به ثم يكمل من غيره




الخدمات العلمية