الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وللمكاتب بلا إذن : بيع واشتراء ، ومشاركة ، ومقارضة ، ومكاتبة ; واستخلاف عاقد لأمته ، وإسلامها ، أو فداؤها ، إن جنت [ ص: 454 ] بالنظر ، وسفر لا يحل فيه نجم ، وإقرار في رقبته ، وإسقاط شفعته ، لا عتق ; وإن قريبا ، وهبة ، وصدقة ، وتزويج ، [ ص: 455 ] وإقرار بجناية خطإ ، وسفر بعد ، إلا بإذن

التالي السابق


( وللمكاتب بلا إذن ) من سيده ( بيع واشتراء ) بلا إذن ( ومشاركة ) بلا إذن ( ومقارضة ) بلا إذن . ابن عرفة تصرف المكاتب كالحر إلا في إخراج مال لا عن عوض مالي فلا . ابن رشد يجوز بيعه وشراؤه ومقاسمته شركاءه وإقراره بدين لمن لا يتهم عليه .

( و ) له ( مكاتبة ) لرقيقه بمال زائد عن قيمته . فيها مكاتبة المكاتب عبده على ابتغاء الفضل جائزة ، وإلا فلا تجوز ( و ) له تزويج أمته بمهر زائد على قيمتها ويجب عليه ( توكيل ) حر بالغ ( عاقد لأمته ) تزويجها لغيره ; لأنه لا يباشر لرقيته ، وشرط ولي المرأة الحرية . ومفهوم أمته أن له تزويج عبده بلا استخلاف ، وهو كذلك ، روى محمد للمكاتب تزويج عبيده وإمائه . ابن القاسم إن كان على وجه النظر ورجاء الفضل .

( و ) له ( إسلامها ) أي الأمة في جنايتها ( وفداؤها إن جنت ) أمة المكاتب [ ص: 454 ] وتنازع إسلامها وفداؤها ( بالنظر ) أي السداد والمصلحة في ماله راجع لجميع ما تقدم جوازه له . فيها إن جنى عبد المكاتب فله إسلامه أو فداؤه على وجه النظر ( و ) له ( سفر لا يحل فيه نجم ) اللخمي منع الإمام مالك رضي الله عنه سفر المكاتب بلا إذن سيده ، وأجازه ابن القاسم إن قرب . اللخمي إن كان شأنه السفر فلا يمنع إلا في سفر يحل النجم عليه قبل رجوعه منه .

( و ) له ( إقرار ) بحق ( في رقبته ) كقتل عمد ، ولولي المقتول القصاص منه ، فإن لم يقتص فلا شيء له في ماله ، ولا في رقبته إن عجز . " غ " كذا فيما رأيناه من النسخ ، وهو عكس المقصود ، فالصواب في ذمته . الخرشي له الإقرار مما يتعلق بذمته ، بخلاف القن . وأما ما يتعلق برقبته من قتل وقطع وحد فيقبل منهما . البناني الحاصل أن الإقرار ثلاثة أقسام إقرار بمال في الذمة كمدين يقبل من المكاتب دون القن ، وهذا هو المقصود هنا . وإقرار بمال في الرقبة كجناية خطأ لا يقبل منهما . وإقرار في الرقبة بموجب قتل أو قطع أو حد أو تعزير يقبل منهما . الخرشي نص على هذه الجزئيات تبعا لها ولغيرها ولأنها أنفع للمفتي ولا سيما المقلد ، وإن كان يكفي عنها ، وله التصرف بغير تبرع ، وقول ابن الحاجب وتصرف المكاتب كالحر إلا في التبرع وأحسن منه ، وله التصرف بما ليس مظنة لعجزه .

( و ) له ( إسقاط شفعته ) الشارح إذا كان نظرا ( لا ) يجوز للمكاتب ( عتق ) لرقيقه إن لم يكن قريبا له ، بل ( وإن ) كان ( قريبا ) له . ابن الحاجب يرد عتقه ولا يعتق عليه قريبه . ابن رشد ليس للمكاتب أن يهب ، ولا أن يتصدق ، ولا أن يعتق إلا بإذن سيده ( و ) ليس له ( هبة ولا صدقة ) من ماله وإن وقع رده السيد ( و ) ليس له ( تزويج ) لنفسه ، ظاهره وإن كان نظرا لأنه يعيبه إن عجز ، وإن تزوج بغير إذن سيده فله ، إجازته وفسخه ، فإن رده ترك لها ربع دينار ، ومفهوم تزوج أن له التسري ، وهو [ ص: 455 ] كذلك ; إذ لا يعيبه كالتزوج فيها ليس للمكاتب أن يتزوج ، وإن رآه نظرا . الباجي إن أجازه سيد جاز ، وإلا فسخ .

( و ) ليس له ( إقرار بجناية خطأ ) فيها ، وإن أقر مكاتب بقتل خطأ فلا يلزمه شيء عجز أو عتق ، ولو أقر بدين لزم ذمته عتق أو رق ، وفيها لابن القاسم رحمه الله تعالى وما أقر به العبد مما يلزمه في جسده من قتل أو قطع أو غيره فإنه يقبل إقراره ، وما آل إلى غرم على سيده فلا يقبل إقراره فيه إلا ببينة على فعله ، كإقراره بغصب أمة أو حرة نفسها ولم يكن من تعلقها به ما وصفنا ، أو بجرح أو قتل خطأ أو باختلاس مال أو استهلاكه أو سرقة لا قطع فيها ولم يعلم ذلك إلا بقوله فلا يصدق ، ولا يتبع بشيء منه إن عتق ، فالمكاتب كالقن لا يلزمه ما أقر به مما يئول لغرم سيده مطلقا غير مقيد بمن يتهم عليه ، ونبه المصنف عليه لئلا يتوهم أنه يلزمه كالإقرار في ذمته مع أنه تبع المدونة وآل الغرم على سيده لأنه يلزمه إسلامه أو فداؤه ، بخلاف الدين المتعلق بذمته قاله طفي .

( و ) ليس له ( سفر بعد ) بضم العين ( إلا بإذن ) من سيده قاله أبو القاسم




الخدمات العلمية