الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 287 ] وله ، حد أبيه وفسق

التالي السابق


( و ) إن قذف الوالد ولده ف ( له ) أي الولد ( حد أبيه ) إن صرح بقذفه ( وفسق ) الولد بضم فكسر مثقلا ، أي حكم بفسقه بحد أبيه بقذفه ، واستشكل تفسيقه مع الحكم بإباحة حده أباه بقذفه ، وأجيب بأن المراد بتفسيقه سقوط عدالته وهو يحصل بالمباح كالمشي حافيا والأكل في السوق . الحط هذا القول عزاه ابن رشد لرواية أصبغ عن ابن القاسم ، ونصه روى أصبغ عن ابن القاسم أنه يقضى له أن يحلفه وأن يحده ويكون عاقا بذلك ، ولا يعذر بجهل وهو بعيد لأن العقوق كبيرة فلا ينبغي أن يمكن أحد منها .

وقال مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وسحنون لا يقضى له بتحليفه ولا يمكن منه ولا من حده في حد يقع له عليه لما فيه من العقوق ، وهو مذهب الإمام مالك " رضي الله عنه " في اليمين في كتاب المديان من المدونة ، وفي الحد في كتاب القذف وهو أظهر الأقوال . وفي العتبية كره مالك " رضي الله عنه " لمن بينه وبين أبيه خصومة أن يحلفه . ابن رشد لهذا يدل على أن له أن يحلفه ولا يكون عاقا له بتحليفه إذ لا إثم في فعل المكروه ، وإنما يستحب تركه وهو قول ابن الماجشون في الثمانية وظاهر قول أصبغ في المبسوط الحط فتحصل في المسألة ثلاثة أقوال ، وقد ذكر المصنف في باب التفليس أنه ليس له أن يحلف أباه إلا [ ص: 288 ] المنقلبة والمتعلق بها حق لغيره ، فمشى هناك على مذهب المدونة ، ومشى هنا على القول الضعيف ، وقد استثنى ابن رشد أيضا المنقلبة والمتعلق بها حق للغير وأخرجهما من الخلاف ، والله أعلم .




الخدمات العلمية