الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7661 [ ص: 303 ] 3742 - (7718) - (2 \ 276) عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " احتجت الجنة والنار، فقالت الجنة: يا رب! ما لي لا يدخلني إلا فقراء الناس وسقطهم؟ وقالت النار: يا رب! ما لي لا يدخلني إلا الجبارون والمتكبرون؟ فقال للنار: أنت عذابي أصيب بك من أشاء، وقال للجنة: أنت رحمتي أصيب بك من أشاء، ولكل واحدة منكما ملؤها، فأما الجنة، فإن الله ينشئ لها ما يشاء، وأما النار، فيلقون فيها، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع قدمه فيها، فهنالك تمتلئ، ويزوى بعضها إلى بعض، وتقول: قط، قط، قط".

التالي السابق


* قوله: " احتجت الجنة والنار ": الظاهر أنهما احتجتا فيما بينهما، لكنلا يناسبه قوله: " فقالت الجنة " ظاهرا، فالأقرب أن يراد بالاحتجاج الاشتكاء; أي: إنهما اشتكتا إلى الله تعالى .

* " وسقطهم ": - بفتحتين - ، قيل: أي: أراذلهم وأدوانهم، وقيل: أي: الساقطون عن أعين الناس. فإن قيل: يدخل فيها من الأنبياء والملوك العادلة والعلماء المشهورين، قلت: المراد: أن أكثرهم الفقراء والبله، وأما غيرهم من أكابر الدارين، فهم قليلون، وهم أصحاب الدرجات العلا. وقيل: معنى " الساقط ": الضعيف الخاضع لله، المذل نفسه له، المتواضع للخلق .

* " أنت عذابي ": أي: إن إضافتكما إلي بكونكما عذابي ورحمتي تكفي لكما شرفا ورفعة، ولا يضر مع ذلك أن يكون أهلكما ما يكون، سيما إذا كان ذلك أيضا بتخصيص مني. وجري الكلام بين الجنة والنار وخالقهما غير مستبعد، ويحتمل أن يكون كلاما بلسان الحال، أو كان المتكلم ملكا موكلا بهما. [ ص: 304 ] * " ينشئ ": من أنشأ; أي: يخلق ويحدث .

* " لها ": أي: لمثلها .

* " ما يشاء ": بعد أن يدخل بنو آدم، ثم تبقى منها بقاع خالية .

* " فيلقون ": أي: أهلها .

* " هل من مزيد؟ ": لطلب الزيادة .

* " يضع ": ظاهره أن الضمير لله، وقد جاء: "حتى يضع الجبار قدمه"، فقيل: المراد به: الرب تعالى، وقيل: أراد: المتمرد العاتي; كفرعون ونحوه. * " قدمه ": وجاء: "رجله"، فعلى الثاني المراد بوضع قدمه: دخوله النار، وعلى الأول، فقيل: هو من المتشابه. وقيل: يؤول "الرجل" بالجماعة، و"القدم" بالذين قدمهم لها من شرار خلقه; كما أن المسلمين قدمه إلى الجنة. وقيل: هو كناية عن الردع والقمع; أي: حتى يأتيها أمر الله، فيكفها من طلب المزيد. وقيل: أراد تسكين فورتها; كما يقال لأمر أراد إبطاله: وضعته تحت قدمي. " ويزوى ": على بناء المفعول; من زوى شره: إذا طواه، أو زوى الشيء:إذا جمعه وقبضه .

* " بعضها ": - بالرفع - ; أي: فينضم من غاية امتلائها، ويضيق على من فيها .

* " قط ": - بفتح فسكون - ; أي: حسب، والتكرار للتأكيد .

* * *




الخدمات العلمية