الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في تغييره الاسم إلى اسم آخر .

                                                                                                                                                                                                                              روى الترمذي عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير الاسم القبيح ، إلى ما هو أحسن منه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبخاري في الأدب ومسلم وأبو داود والترمذي ، وابن أبي شيبة وابن سعد عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- أن بنتا لعمر كانت : يقال لها عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان وابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : أن زينب بنت أبي سلمة كان اسمها برة ، فقال : تزكي نفسها ، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن زينب بنت أم سلمة أن زينب بنت جحش دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمها برة فسماها زينب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب ومسلم عن سعد وابن أبي شيبة عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : كان اسم جويرية بنت الحارث برة ، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها إلى جويرية وكان يكره أن يقال خرج من عند برة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب عن محمد بن عمرو بن عطاء- رحمهم الله تعالى- أنه دخل على زينب بنت أبي سلمة فسألته عن اسم أخت له عنده ، فقال : اسمها برة ، قالت : غير اسمها ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح زينب بنت جحش ، واسمها برة فغير اسمها إلى زينب فدخل على أم سلمة حين تزوجها واسمي برة فسمعها تدعوني برة فقال : لا تزكوا أنفسكم ، فإن الله تعالى هو أعلم بالبرة منكن والفاجرة ، سميها زينب ، فقلت لها : اسمي فقالت : غير إلى ما غير إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسماها زينب [ ص: 359 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب وابن أبي شيبة عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : كان اسم ميمونة برة ، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبخاري في الأدب عن علي- رضي الله تعالى عنه- قال : لما ولد الحسن فقال : أروني ابني ، ما سميتموه ؟ قلنا : حربا قال : بل هو حسن فلما ولد الحسين سميته حربا قال : هو حسين فلما ولد محسنا سميته حربا ، قال : هو محسن ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إني سميت بني هؤلاء بتسمية هرون بنيه شبر وشبير ومشبر» ، وفي رواية أخرى لما ولد الحسن سماه جعفرا فلما ولد الحسين سماه بعمه جعفر ، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أمرت أن أغير اسم هذين فقلت : الله ورسوله أعلم ، فسماهما حسنا وحسينا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري - رحمه الله تعالى- في الأدب وأبو داود وابن السكن والطبراني والحاكم وابن أبي شيبة عن أسامة بن أخدري- رضي الله تعالى عنه- أنه ابتاع عبدا حبشيا ، فقال : يا رسول الله ، سمه وادع له ، قال : ما اسمك ؟ قال : أحرم قال : بل زرعة .

                                                                                                                                                                                                                              وقال لمولاه : فما تريده ؟ قال : راعيا ، فقبض أصابعه ، وفي لفظ : وقبض كفه وقال : هو عاصم .


                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والشيخان وأبو داود وابن سعد عن سعيد بن المسيب والبخاري عن الزهري عن سعيد بن المسيب- رحمه الله تعالى- عن أبيه أن جده حزنا قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما اسمك ؟ قال : حزن ، قال : بل أنت سهل ، قال : ما أنا بمغير اسما سمانيه أبي ، السهل يوطأ ويمتهن قال سعيد : فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونة .

                                                                                                                                                                                                                              وفي لفظ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لجدي حزن ، أنت سهل قال : يا رسول الله اسم سماني به أبواي فعرفت به في الناس قال : فسكت عنه النبي عليه السلام فتعرف فينا الحزونة .


                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل :

                                                                                                                                                                                                                              ما اسمك ؟ قال : شهاب قال : «أنت هشام» .


                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وابن سعد وابن أبي شيبة عن خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة أن أباه عبد الرحمن ذهب مع جده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسم ابنك ؟ قال : عزيز ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تسمه عزيزا ، ولكن سمه عبد الرحمن» ، قال : خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن ، وفي لفظ قال : لا عزيز إلا الله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبخاري في الأدب وفي تاريخه وابن أبي شيبة عن بشير ابن الخصاصية- رضي الله تعالى عنه- وكان قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه زحم «فسماه النبي صلى الله عليه وسلم بشيرا» [ ص: 360 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن سهل بن سعد قال «أتى بالمنذر بن أبي أسيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين ولد فوضعه على فخذه فقال : ما اسمه ؟ قال : فلان ، قال : لكن اسمه المنذر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن سعيد بن جهمان قال : لقيت سفينة ببطن نخلة فقلت له : ما اسمك ؟ قال : ما أنا بمخبرك عن اسمي ، سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة قلت : ولم سماك سفينة ؟ قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه ، فثقل عليهم متاعهم ، فقال : ابسط رداءك فبسطه ، فحطوا فيه متاعهم ، ثم حملوه علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احمل ، فإنما أنت سفينة ، فلو حملت يومئذ ، وقر بعير وبعيرين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة ما ثقل علي .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار بسند حسن عن بريدة- رضي الله تعالى عنه- قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فكان كلما بقي شيء حمله علي وسماني الزاملة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب وأبو يعلى والبزار عن رائطة بنت مسلم عن أبيها- رضي الله تعالى عنه- قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا ، فقال : ما اسمك ؟ قلت غراب ، قال : لا بل اسمك مسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب والإمام أحمد برجال ثقات وابن أبي شيبة عن مطيع بن الأسود- رضي الله تعالى عنه- قال : كان اسمي العاص فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن زيادة عن جده مسعود- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه مطاعا وقال : يا مطاع ، أنت مطاع في قومك وحمله على فرس أبلق وأعطاه الراية ، وقال : يا مطاع امض إلى أصحابك ، فمن دخل تحت رايتي هذه ، فقد أمن من العذاب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى محمد بن أبي عمر برجال ثقات عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن أمة لعمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- كان لها اسم من أسماء العجم ، فسماها عمر- رضي الله تعالى عنه- جميلة

                                                                                                                                                                                                                              فقال عمر : بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : أنت جميلة ، فقال عمر- رضي الله تعالى عنه- : خذيها على رغم أنفك .


                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني بسند ضعيف عن عبد الرحمن بن أبي سبرة قال : دخلت أنا وأبي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأبي : هذا ابنك ؟ قال : نعم ، قال : ما اسمه ؟ قال : الحباب ، قال : «لا تسمه الحباب ، فإن الحباب شيطان ، ولكن هو عبد الرحمن» ، الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماء جماعة : منهم عبد الله بن أبي بن سلول وكان يسمى الحباب وقال : حباب اسم شيطان رواه ابن سعد ، والحصين بن سلام الحبر عالم أهل الكتاب سماه عبد الله رواه ابن أبي شيبة ، والحكم بن سعيد بن العاص سماه عبد الله ، وعبد الحجر سماه عبد الله رواه البخاري في الأدب ورواه الإمام أحمد والبخاري في تاريخه ، وجبار بن [ ص: 361 ]

                                                                                                                                                                                                                              الحارث سماه عبد الجبار
                                                                                                                                                                                                                              رواه أبو نعيم في المعرفة ، وعبد عمرو ويقال عبد الكعبة أحد العشرة سماه عبد الرحمن رواه ابن سعد وابن مندة ، وغراب سماه مسلما رواه ابن أبي شيبة ، وعبد شر من ذوي ظليم سماه عبد خير رواه أبو نعيم ، وأبو الحكم بن هانئ بن يزيد سماه أبا شريح بأكبر أولاده رواه ابن أبي شيبة ، وحرب سماه مسلما ، والمضجع سماه المنبعث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى برجال ثقات عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأرض ، يقال لها غدرة فسماها خضرة .

                                                                                                                                                                                                                              وشعب الضلالة : شعب الهدى وبني الزينة : بني الرشدة .

                                                                                                                                                                                                                              وبني مغوية- بالمعجمة- بني رشدة
                                                                                                                                                                                                                              رواها أبو داود .

                                                                                                                                                                                                                              وأرضا تسمى بجدبة مخضرة رواه بقي بن مخلد عن عائشة .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية