الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الرابع : في سيرته صلى الله عليه وسلم في الكنى .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري في الأدب عن هانئ بن يزيد- رضي الله تعالى عنه- أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه قومه فسمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يكنونه بأبي الحكم ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله هو الحكم وإليه الحكم كله ، فلم تكنيت بأبي الحكم ؟ قال : لا ، ولكن قومي إذا اختلفوا في شيء فأتوني فحكمت بينهم ، فرضي كلا الفريقين ، قال : ما أحسن هذا ثم قال ما لك من الولد ، قلت له : شريح وعبد الله ومسلم بنو هانئ فقال : من أكبرهم ؟

                                                                                                                                                                                                                              قلت : شريح ، قال : فأنت أبو شريح ، ودعا له ولولده ، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمون رجلا منهم عبد الحجر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ فقال عبد الحجر قال : لا أنت عبد الله .

                                                                                                                                                                                                                              قال شريح : وإن هانئ لما حضر رجوعه إلى بلاده أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرني أي شيء يوجب لي الجنة ، قال : عليك بحسن الكلام ، وبذل الطعام .


                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أبي حازم أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد- رضي الله تعالى عنه- فقال : هذا فلان ، لأمير المدينة يذكر عليا عند المنبر ، فقال : فماذا يقول . قال : يقول ، أبو تراب ، فضحك وقال : والله ما سماه به إلا النبي صلى الله عليه وسلم وذكره بتمامه في مناقب سيدنا علي- رضي الله تعالى عنه- .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب عن سهل بن سعد- رضي الله تعالى عنه- قال : إن كان أحب أسماء علي إليه لأبا تراب ، وكان ليفرح أن يدعى بها ، وما كناه أبا تراب ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم غاضب يوما فاطمة فاضطجع إلى جدار المسجد ، وجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه فقال : هو ذا مضطجع في الجدار فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد امتلأ ظهره ترابا ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح [ ص: 363 ] التراب عن ظهره ويقول : اجلس أبا تراب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن المغيرة بن شعبة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه (بأبي عيسى ) .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أحمد والترمذي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا حمزة ببقلة كنت أجتنيها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن صهيب- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه بأبي يحيى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن حمزة بن صهيب- رضي الله تعالى عنه- أن صهيبا كان يكنى أبا يحيى فقال عمر بن الخطاب ، - رضي الله تعالى عنه- : يا صهيب ، ما لك تكنى أبا يحيى ، وليس لك ولد ؟ فقال صهيب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني بأبي يحيى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا ، ولي أخ صغير ، يكنى أبا عمير ، وكانت له نغر يلعب به ، فمات فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فرآه حزينا ، فقال : ما شأنه ؟ فقال : مات نغيره ، فقال : يا أبا عمير ، ما فعل النغير ؟ .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : قلت : يا رسول الله كنيت نساءك ، وما كنيتني ؟ فقال : تكني بابن أختك عبد الله يعني ابن الزبير ، وكانت تكنى بأم عبد الله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار برجال ثقات غير أبي المنهال البكراوي فيحرر رجاله عن أبي بكرة- رضي الله تعالى عنه- قال : لما كان يوم الطائف ، تدليت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ببكرة فقال : أنت أبو بكرة .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري عن أسامة بن زيد- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على إكاف على قطيفة فدكية ، وأردف أسامة وراءه ، يعود سعد بن عبادة قبل واقعة بدر ، فسار حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول ، وذلك قبل أن يسلم عبد الله وفي المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين وعباد الأوثان واليهود ، وفي المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه قال : لا تغبروا علينا . فسلم النبي صلى الله عليه وسلم ووقف ونزل ، فدعاهم إلى الله ، فقرأ عليهم القرآن فقال له عبد الله بن أبي : يا أيها المرء ، إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا ، فلا تؤذنا به في مجالسنا وارجع إلى [ ص: 364 ] رحلك فمن جاءك منا فاقصص عليه . قال ابن رواحة : بلى يا رسول الله ، فاغشنا به في مجالسنا ، فإنا نحب ذلك . فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا ، فركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته حتى دخل على سعد بن عبادة فقال له : أي سعد ، ألم تسمع ما قال أبو حباب- يريد عبد الله ابن أبي-

                                                                                                                                                                                                                              قال سعد : يا رسول الله ، اعف عنه ، واصفح ، فلقد أعطاك الله ما أعطاك ، ولقد اجتمع أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبوه ، فلما رد ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك ، فذلك الذي فعل به ما رأيت .


                                                                                                                                                                                                                              الخامس : في اختصاره صلى الله عليه وسلم بعض أسماء أصحابه .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري في الأدب عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا عائش ، هذا جبريل ، يقرأ عليك السلام ، قالت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان- رضي الله تعالى عنه- اكتب يا عثم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية