الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة

في رجل متمسك بأحد المذاهب الأربعة، كمذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم أجمعين، وقد نزلت به نازلة في طلاق أو غيره، فاستفتى بعض العلماء، فأفتاه بقول أحد الأئمة المذكورين، فعارضه آخر وقال: من استفتى غير أهل مذهبه فهو زنديق أو نحو هذا الكلام، فهل هذا المنكر مصيب في هذا الإنكار أم مخطئ؟ وهل يجب عليه القتل أو غير ذلك من أنواع التعزير؟ أفتونا رحمكم الله.

الجواب

الحمد لله. بل هذا المنكر مخطئ في ذلك باتفاق الأئمة، بل هو آثم في ذلك مستحق للعقوبة التي تزجره وأمثاله عن مثل ذلك، فإن كان يفهم معنى الزنديق وأن الزنديق الكافر، وجعل اتباع المسلم في بعض المسائل لإمام غير إمامه كفرا: فإنه يستتاب من هذا الكلام، فإن تاب وإلا قتل؟ وإن كان يظن أن الزنديق هو العاصي الجاهل الفاسق ونحو ذلك فإنه يعزر على هذا الكلام.

ولا يجب على أحد أن يتبع واحدا بعينه في كل ما يقوله، وإنما يجب على الناس طاعة الله ورسوله، ومن قال: إنه يجب [ ص: 320 ] على الناس طاعة شخص بعينه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو متناقض مخالف لإجماع المسلمين، فإنهم متفقون على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. والأئمة الأربعة رضي الله عنهم نهوا الناس أن يقلدوا واحدا بعينه في جميع ما يقوله وإن وجدت الحجة بخلافه.

والذي كرهه العلماء للرجل أن يكون رخيصا يستفتي في كل حادثة بما يكون له فيه رخصة. فأما أخذه في بعض المسائل بقول إمام وفي بعضها بقول إمام مع تحري التقوى فهو جائز عند أئمة الإسلام. والله أعلم. [ ص: 321 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية