الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة

أيهما أولى: معالجة ما يكره الله من قلبك، مثل الحسد والحقد والغل والكبر والرياء والسمعة ورؤية الأعمال وقسوة القلب وغير ذلك مما يختص بالقلب، من درنه وخبثه؟ أو الاشتغال بالأعمال الظاهرة من الصلاة والصيام وأنواع القربات من النوافل والمندوبات مع وجود الأمور في قلبه؟ أفتونا مأجورين.

جواب

شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية الحراني -رضي الله تعالى عنه-

الحمد لله. من ذلك ما هو أوجب، وإن الأوجب أفضل وزيادة، كما قال تعالى فيما يروي عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: "ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه"، ثم قال: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه".

والأعمال الظاهرة لا تكون صالحة مقبولة إلا بتوسط عمل القلب، فإن القلب ملك والأعضاء جنوده، فإذا خبث الملك خبث جنوده. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا [ ص: 379 ] صلحت صلح لها الجسد كله، وإذا فسدت فسد لها الجسد كله، ألا وهي القلب".

وكذلك أعمال القلب لا بد أن تؤثر في عمل الجسد، وإذا كان المتقدم هو الأوجب سمي باطنا أو ظاهرا، فقد يكون ما يسمى باطنا أوجب، مثل ترك الحسد والكبرياء، فإنه أوجب عليه من نوافل الصيام. وقد يكون ما سمي ظاهرا أفضل، مثل قيام الليل، فإنه أفضل من مجرد ترك بعض الخواطر التي تخطر في القلب من جنس الغبطة ونحوها. وكل واحد من عمل الباطن والظاهر يعني الآخر، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتورث الخضوع ونحو ذلك من الآثار العظيمة، هي أفضل الأعمال، والصدقة. والله تعالى أعلم. [ ص: 380 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية