الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي

نخبة من المفكرين والكتاب

حاجة المجتمع الأمريكي إلى الإسلام

أما عن الأمر الأول، فإن تشخيص المجتمع الأمريكي يكشف أن رسالة المسلم فيه ليست في ميدان العلم والتكنولوجيا ، فهذا المجتمع بلغ في الاكتشافات العلمية وتقدم التكنولوجيا حدا لم يبلغه مجتمع آخر، ولكن رسالة المسلم رسالة عقائدية اجتماعية؛ لأن الأزمة الاجتماعية في هـذا المجتمع بلغت حدا أصبحت تهدده -حسب أقوال الخبراء فيه- بالدمار الكامل، وستنتهي به إن استمرت إلى ما انتهى إليه مجتمع الرومان من قبل، فالصيحات تتوالى من علماء الاجتماع والنفس، ورجال الدين، ودوائر الأمن، ومؤسسات الإصلاح الاجتماعي، معترفة بالفشل، منذرة من سوء المصير، والإنسان غريب حائر مرعوب يفترسه الخوف والضياع والانحلال، ويكفي أن نقدم بعض المقتطفات مما كتبه الباحثون والدارسون من علماء النفس والاجتماع، من ذلك ما مكتبه روبرت هـي Robert P.Hay الأستاذ المساعد للتاريخ في جامعة (ماريويت ) Marquette university في مدينةMigwauKee في ولاية Wisconsin حيث قال: [ ص: 127 ]

إن أمريكا عام 1981 م مفككة إلى حد لا يطاق، ونحن في أمس الحاجة إلى الإحساس بالحياة الاجتماعية، ومن السهل أن نفهم أمريكا الضائعة الأرواح حيث لا يرتبط الفرد بشيء، فهو يبحث عن هـويته، يبحث في العمل وفي المهنة وفي التقدم الاقتصادي عن علامة تميزه، وتخبره من هـو. [1] ومنها ما كتبه الكاهن المشهور ( جيري فولول ) Jerry Falwell في كتابه (اسمعي يا أمريكا ) Listen America حيث يقول: ( لدي إحصاءات مرعبة عن حوادث الطلاق ، وتدمير الأسرة، والإجهاض ، وجنوح الناشئة ، والفوضى الجنسية ، وتعاطي المخدرات، وجرائم القتل، إنني أشاهد حطام الإنسان والأرواح المهدرة بأكداس تفوق الإحصاءات، إن أمريكا بحاجة سريعة إلى الإنقاذ الروحي والأخلاقي إذا كانت تريد أن لا تهلك في القرن العشرين ) [2] ونشرت صحيفة نيويورك تايمز في أعدادها الصادر خلال شهري شباط وآذار لعام 1982 سلسلة من الأبحاث عن انتشار الجريمة، وتدمير الأسرة، وهروب المراهقين، وظهور الهيربيز الذي لا علاج له إلى جانب أمراض السفلس والسيلان ، وفشل علاج هـذه الأمراض الاجتماعية، ومما ذكرته: ( لقد تبين أن تعلم أن المؤسسات الإصلاحية التي تحاول أن تعلم هـؤلاء الناشئة، ليست إلا مدارس تعلمهم الجريمة، حيث يدرب بعضهم بعضا على المزيد من أساليب القتل والسرقة وتعاطي المخدرات والجنس، وأن هـذه المؤسسات في حيرة من أمرها في هـذا الموضوع ) [3] . وهذه الأزمة التي تجتاح المجتمع الأمريكي، تحتاج إلى نوع من الإنسان يقوم [ ص: 128 ] وجوده أصلا على حمل رسالة الإصلاح في العالم كله، بشكل يشغله عن أي هـدف آخر في الدنيا، فالقرآن الكريم يقرر أن المسلمين أخرجوا للناس كافة، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، والقوم الذين يقصرون في هـذا الواجب يستبدلهم الله بقوم آخرين لا يكونون مثلهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقرر: أن الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إلى الله أبرهم بعياله، وهو ينذر المسلمين -في أحاديث كثيرة- إلى أن بقاءهم مرهون بحملهم لرسالة الإصلاح هـذه، فإن تقاعسوا، لم يستجب الله لهم إذا دعوه، ولم ينصرهم إذا استنصروه، ولم يعطهم إذا سألوه، وإذا كانت رسالة الإسلام قد بدأت في غار حراء يوم ( اقرأ باسم ربك.. ) (اقرأ:1) ، فإن رسالة المسلم ومسئوليته لن تتوقف حتى لا تكون فتنة في الأرض ولا فساد، ويكون الدين كله لله، والقرآن الكريم لا يكتفي بصلاح المسلم، وإنما يطلب منه أن يقوم بدور المصلح: ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) ( هـود: 117) . وحين تحدث القرآن عن معاقبة القرية الظالمة، ذكر أن منهم الصالحين، ومنهم دون ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية