الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
التحرير من التبعية ضرورة ومطلب

إن تحرر الإعلام العربي وتخليصه من التقليد ضرورة لازمة، ومطلب حضاري لا غنى عنه. وليس هـذا التحرر ببدع على إعلامنا العربي، فهو مطلب مشروع للدول النامية بشكل عام. وقد أقرت هـذا المطلب اللجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلام المنبثقة عن هـيئة اليونسكو في وثيقتها رقم (32) حيث تقول: ( إن تحرير وسائل الإعلام الوطنية، لهو جزء لا يتجزأ من الكفاح الشامل من أجل الاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، الذي تخوضه الغالبية العظمى من شعوب العالم، التي لا ينبغي أن تحرم من حقها في [ ص: 51 ] بث الإعلام، وتلقيه بطرق موضوعية سليمة. ويتساوى الاستقلال إزاء مصادر المعلومات، في أهميته مع الاستقلال التقني ، لأن التبعية في مجال الإعلام تؤدي بدورها إلى تعطيل النمو السياسي والاقتصادي ) .

وبالإضافة إلى كون هـذا التحرر للإعلام العربي من التبعية مطلبا مشروعا في ضوء مقررات ومبادئ الهيئات الدولية، فإنه -قبل ذلك وبعده- ضرورة لازمة؛ لأن الأمة التي يعبر عنها الإعلام العربي ويخدمها هـي أمة متميز، لها وضعها الخاص، ولها رسالتها الفريدة، فقد اختيرت لتكون أمة تحمل أمانة الإسلام، فتلتزم به عقيدة وشريعة ، وتبلغ عنه دعوة وتبشيرا . ومن طبيعة الرسالة الإسلامية أنها رسالة عالمية لكل البشر، وما أشد حاجة الإنسانية اليوم إلى الإسلام، لتأوي إليه، وتثوب إلى كنفه فيعطيها الأمن والسعادة ويحقق لها ما تصبو إليه من آمال، وما تتطلع إليه من طموحات.

إن تحرر الإعلام العربي من التبعية ليس حاجة وطنية وقومية فحسب، بل هـو -بالإضافة إلى ذلك- حاجة إنسانية دولية. وها هـو العالم اليوم يصارع من أجل إيجاد نظام إعلامي عالمي جديد، يكسر احتكار القوى المتسلطة، ويوفر الفرصة لتحقيق توازن إعلامي رشيد. فهو -إذن- يدرك تهافت النظام الإعلامي الحالي، ويعترف بقصوره، ويسعى إلى إسقاطه، ويبحث عن بديل له. وفي تصوري أننا -نحن العرب والمسلمين- نملك القدرة على الإسهام الإيجابي الفعال في إيجاد ذلك البديل، الذي تبحث عنه الإنسانية في عالم اليوم. ولا نقول هـذا الكلام من قبيل المبالغة والغرور الذاتي، بل هـي الحقيقة التي يقررها الواقع. فقد جرب العالم كثيرا من الحلول، وطرق كثيرا من المنافذ، بحثا عن الخلاص، ولكنه عاد خائبا محملا بمزيد من المشكلات والمتاعب.

وفي يقيننا أن الإسلام -بمنهجه الرباني الثابت، وقدرته على التجدد والمرونة في آن واحد- قادر على أن يقدم الأصلح لعلاج المشكلات الدولية في مجال الاتصال والإعلام. [ ص: 52 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية