الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
اجتهاد انتقائي في فقه العبادات

إنني ميال إلى إغلاق باب الإجتهاد في فقه العبادات، وإبقاء حق الاختيار، أو ما يسمى بالاجتهاد الانتقائي ، نأخذ ما تدعو إليه الحاجة، وندع ما عداه، من الثروة الطائلة التي آلت إلينا.

والذي يدفعني إلى ذلك أن وجوه الرأي في كثير من القضايا تكاد تستوعب الصور العقلية، أو الشيء وضده معا، خذ مثلا إمامة المرأة في الصلاة، يرفضها فقهاء مطلقا، ويجيزها بعضهم مطلقا، ويرى الشافعي جوازها للنساء خاصة !

ولمس المرأة، ينقض الوضوء مطلقا، ولا ينقضه بتة، وقال مالك : النقض وعدمه مقرون بطلب اللذة من اللامس !

وإمامة الفاسق، ردها بعض الفقهاء بإطلاق، وأجازها قوم بإطلاق، وفصل آخرون متسائلين: هـل فسقه بتأويل أم بتبجح ؟ هـل فسقه قطعي أم ظني ؟ ومع تغير الجواب، يتغير الحكم.

ليت شعري ما نصنع نحن بعد ذلك إلا الموازنة والترجيح ؟ وإذا انتهي أحد إلى رأي فهل له إلزام الآخرين به ومؤاخذتهم على تركه ؟ لا.

وقبل ذلك كله وبعده هـل هـذه الأحكام تسبق في الترتيب إيحاءات العقيدة، ومقررات الأخلاق، وضوابط التربية ؟ لا. [ ص: 149 ]

إن الذي يكره مسلما لأنه يضع يديه على صدره، أو لأنه يقنت في الفجر مثلا، رجل منحرف ضعيف الخلق !

وإتقانه للصلاة على النحو الذي يألف لا يمحو عنه هـذه الوصمة..

فالخطأ الفقهي مأجور، أما الخطأ الخلقي فهو إثم، وهذه الأخطاء الخلقية من وراء الفتوق الرهيبة التي تسلل منها الغزو الاستعماري وفتك بنا..

التالي السابق


الخدمات العلمية