الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي

نخبة من المفكرين والكتاب

غلو في فقه الفروع ينتج خللا في ميزان الدين

وما حدث في ميدان الأدب حدث مثله في ميدان الدين ، فقد مرت بالمسلمين عصور طوال، أصبح فيها فقه الفروع عمود الدين، وسنامه، وذروة أمره ! أو أصبح البحث في صور العبادات وأشكالها هـو الشغل الشاغل للخاصة والعامة.

وتصور الدهماء أن إتقان المراسم شارة الكمال، وسلم الارتقاء، ووسيلة القبول عند الله...

وعلم الفقه جزء له مكانته في الثقافة الإسلامية، لكن مكانته تجيء بعد علوم العقيدة والأخلاق ..

وإتقان مذهب فقهي في الفروع العملية شيء حسن، ولكن هـذا الإتقان لا يغني قليلا ولا كثيرا عن مهاد الأخلاق والعقائد الذي لا بد منه أولا وآخرا..

ربما اختلف الفقهاء: أيقرأ المصلي وراء إمامه أم لا ؟ بيد أنهم متفقون على أن الخشوع روح الصلاة، وأن من فقد هـذا الخشوع فقدت صلاته قيمتها سواء قرأ أم صمت !..

ومع ذلك فقد استفحل الغلو في قيمة أفعال الصلاة استفحالا مزق شمل الأمة، فإذا الصلاة الواحدة تنعقد لها أربع جماعات في الأزهر الشريف:

واحدة للأحناف، وثانية للشافعية، وثالثة للمالكية، ورابعة للحنابلة. [ ص: 147 ]

لأن صلاة مقلد لا تصلح وراء مقلد آخر ! وكان ذلك الانقسام يقع في الحرم المكي نفسه حتى أدركت المسلمين رحمة الله ففضت هـذه الجماعات كلها، وصلى الكل وراء إمام واحد...!

إن توسيع المساحة التي يعمل فيها فقه الفروع تم على حساب تضييق المساحة التي تعمل فيها التربية الدينية ، وتتحول فيها العقيدة إلى قوى روحية وملكات نفسية.

وتصور رجلا منح جنيها ليعيش به فاشترى بنصفه مياها غازية ومعدنية، وبالنصف من الباقي لديه سكرا وشايا، ووجه ما بقي بعدئذ للخبز واللحم والبقول والفواكه.. إلخ. إن هـذا الرجل سيقتله فقر الدم يوما.

التالي السابق


الخدمات العلمية