الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

المستقبل للإسـلام

الدكتور / أحمد علي الإمام

التوبة وأثرها في رفع الحدود أو العقوبة

أولا: سقوط عقوبة المرتد بالتوبة

وهو رأي جمهور الفقهاء: أنه يجب أن يستتاب المرتد، فإن تاب، عفي عنه وأخلي سبيله [1]

ثانيا: سقوط عقوبة المحاربة بالتوبة

إذا تاب المحارب، قبل المقدرة عليه، فإن العقوبة المقررة المنصوص عليها، تسقط.. يقول تعالى: ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم * إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ) (المائدة: 33-34) . [ ص: 140 ]

ثالثا: سقوط عقوبة الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، بالتوبة

وهو رأي الحنابلة، وبعض الفقهاء، أن التوبة إذا حدثت قبل وصوله إلى الإمام، فإنها تسقط عنه الحد، ومستدلين بأن الآيات الموجبة للعقوبة، المنصوص عليها، تلتها آيات التوبة، والمغفرة، والرحمة، قال تعالى: ( واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما ) (النساء: 16) ، وقال أيضا: ( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ) (المائدة: 39) .

كما جاءت التوبة، بعد عقوبة الشرك، والقتل، كما في قوله تعالى: ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) (الفرقان: 68-70) .

ويستدلون، بأن إقامة النبي صلى الله عليه وسلم الحد على من جاء تائبا، أن ذلك خاص بهم، بأنهم طلبوا تطهيرا لأنفسهم [2] والتوبة النصوح، باب عظيم في الأمل في رحمة الله، وفضله، ونيل محبته تعالى: ( إن الله يحب التوابين ) (البقرة: 222) .. وقد ندب الله تعالى إلى التوبة النصوح، [ ص: 141 ] فقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ) (التحريم: 8) .

وعندما يحقق المؤمن التوبة، فإنه يحقق لنفسه الاستقرار النفسي، ويتخلص من العقد النفسية، التي تؤرقه، إلى جانب تكفير السيئات، وسقوط العقوبات، المترتبة على اقتراف تلك المخالفات.

رابعا: سقوط حد القذف بالتوبة

وفي أثر توبة القاذف، في سقوط الحد عنه، نقرأ قوله تعالى: ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) (النور: 4-5) .

التالي السابق


الخدمات العلمية