الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

المستقبل للإسـلام

الدكتور / أحمد علي الإمام

خصائص الشريعة الإسلامية

ومن أبرز خصائص الشريعة الإسلامية:

1- تحقيق العدالة، مع الإحسان في الحكم، والمساواة بين الناس كافة: ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) (النساء: 58) ، ومن ذلك، النهي عن الشفاعة في الحدود، بعد بلوغها الإمام، وفيه حديث أسامة المشهور: ( أتشفع في حد من حدود الله؟ ) [1] [ ص: 142 ]

2- إقامة الرقيب الداخلي: التزكية الإيمانية، على الطاعة، والاستقامة، كآداب الاستئذان، وغض البصر، والخلوة، والبعد عن الفواحش، وما يؤدي إليها، وبغضها، لأنها ليست من أخلاق المؤمنين، مع ما ورد من الزجر عنها، ووصف مقترفيها بالفسق، وتخويفهم بالخزي، والنكال في الدنيا، وغذاب الآخرة، الأمر الذي يجمع بين الديانة، والقضاء، وفي حديث صحيح ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) [2] 3- رعاية مصلحة المجتمع، وسد باب الفساد، وإن أوقع ذلك بعض الضرر، على أفراد معينين.

4- إحياء الرقيب الاجتماعي: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والرقابة الاجتماعية على المجتمع، بأداء واجب الحسبة، لإحداث الرقي الأخلاقي، في المجتمع.

5- تيسير أبواب الحلال، والطيبات، مع الحض عليه، فيما يغلق أبوابا من الشر، والمنكرات.

6- الطبيعة الحاسمة لأحكام الشريعة، في مقابل القوانين الأوربية الوضعية، التي تبالغ في العقوبات (الحبس والسجون) ، وقد صار أثرها السيء واضحا في تعليم الإجرام، وإفساد السجناء، بما يقترف في السجون، من منكرات، مع ما يؤدي إليه الحبس من كراهية المجتمع، وتعميق روح الانتقام، وضياع أسر السجناء.. زيادة على ذلك، فإن هذه السجون، عبء على الأمة، في إيواء المجرمين، وإعاشتهم.

7- كون هذه العقوبات، المقدرة في الشريعة: ( نكالا من الله والله عزيز حكيم ) (المائدة: 38) ، أي عبرة للآخرين، عن مصير المجرم المحدود، ليتجنبوا فعل ما أوجب تلك العقوبة، ممن شهدوا إقامة الحد عليه، أو رأوا أثره. [ ص: 143 ]

8- استقلال المسلمين، وتميزهم في الأمم، والحضارات المعاصرة، خاصة بهذه التشريعات، ولذلك فإن الغرب شديد العداء، والمقاومة لهذه التشريعات الإسلامية عامة، والحدية منها خاصة، لأنها تخص المسلمين، وتميزهم عن غيرهم، وتقطع أمل الأعداء في رد المسلمين عن دينهم: ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون ) (المائدة: 3) .

ومهما يكن من نفور الغرب، من بعض أحكام الشريعة، ووصفها بالقسوة، فإنه لاجئ إليها اضطرارا، كما رجعت مضطرة لإعادة عقوبة الإعدام. ومع أن الغرب لا يزال يستخدم اسم الإنسانية، وحقوق الإنسان، في تشويشه على التشريعات الإسلامية، حتى على عقوبة الجلد، فإن قانون العقوبات الإنجليزي، قد تضمن في مواده، عقوبة الجلد، وظل هذا القانون معمولا به في بعض البلاد الإسلامية، مثل السودان، إلى وقت سن التشريعات الإسلامية.

ومهما يكن من عداء الغرب، وغيره، للشريعة، والدعاية الظالمة ضدها، فإنها دعوة منصورة، بإذن الله: ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) (محمد: 7) .. ( ولينصرن الله من ينصره ) (الحج: 40) .. ( وما النصر إلا من عند الله ) (آل عمران: 126) .. ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون ) (الصافات: 171-173) .. ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ) (المجادلة: 21) .. ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) (يوسف: 21) . [ ص: 144 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية