الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

المستقبل للإسـلام

الدكتور / أحمد علي الإمام

معاني الذكر في لغة القرآن الكريم

قد جاءت معاني الذكر في القرآن الكريم، على أوجه كثيرة، يجمع بينها أنها تعد كلها من صفات أهل الذكر، منها ما يعد صفة ملازمة لأهل الذكر، الذاكرين الله كثيرا:

(أ) فالذكر: بمعنى الوحي، كما في قوله تعالى: ( أألقي الذكر عليه من بيننا ) (القمر: 25) ، يعني الوحي.

(ب) والذكر: بمعنى القرآن، كما في قوله تعالى: ( وهذا ذكر مبارك أنزلناه ) (الأنبياء: 50) ، يعني القرآن.

(ج) والذكر: بمعنى الحفظ، كما في قوله تعالى: ( واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ) (البقرة: 63) ، يعني احفظوا ما فيه.

(د) والذكر: بمعنى طاعة الله، التي لا يكون بدونها أحد ذاكرا، كما في قوله تعالى: ( فاذكروني أذكركم ) (البقرة: 152) .

(هـ) والذكر: أيضا الشيء يجري على اللسان، كما في قوله تعالى: ( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله ) (النساء: 103) ، ( وقوله صلى الله عليه وسلم : ما يزال لسانك رطبا من ذكر الله ) . [1] (و) والذكر بالقلب، كما في قوله تعالى: ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله ) (آل عمران: 135) ، أي ذكروه في أنفسهم، وعلموا أنه سائلهم عما عملوا.

(ز) والذكر: بمعني التفكر، وذلك في وقوله تعالى: ( إن هو إلا ذكر للعالمين ) (يوسف: 104) .

(ج) والذكر، والذكرى: بمعنى التذكير: ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) (الذاريات: 55) . [ ص: 64 ]

(ط) والذكر، والذكرى: نقيض النسيان: ( وادكر بعد أمة ) (يوسف: 45) ، أي تذكر بعد نسيان.

(ي) والذكر: بمعني الصلوات الخمس، وذلك في قوله تعالى: ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) (النور: 37) ، يعني الصلوات الخمس.

(ك) والذكر: بمعني الدراسة، كما في قوله تعالى: ( واذكروا ما فيه ) (الأعراف: 171) ، معناه: وادرسوا ما فيه.

(ل) والذكر: الصيت، والثناء، والشرف ( ص والقرآن ذي الذكر ) (ص: 1) .

(م) والذكر: بمعنى الخبر، كما في قوله تعالى: ( سأتلو عليكم منه ذكرا ) (الكهف: 83) ، يعني خبرا.

(ن) والذكر: بمعني البيان، كما في قوله تعالى: ( أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم ) (الأعراف: 63و69) ، أي بيان من ربكم.

(س) والذكر: الكتاب الذي فيه تفصيل الدين، ومنه قوله تعالى: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) (الحجر: 9) .

(ع) الذكر: الصلاة، والتسبيح، والدعاء، والشكر، وتمجيد الله تعالى، وتهليله، والثناء على الله، بجميع محامده.







[2] [ ص: 65 ]

(ص) وقد أحسن صنعا، الحكيم الترمذي، حين ذكر قي كتابه: (تحصيل نظائر القرآن) ، أن من معاني الذكر: الجهاد. قال: (وإنما صار الذكر (الجهاد) في مكان آخر، لأنه إنما يجاهد عن لا إله إلا الله، ولإقامتها، وللذب عنها، فذلك الفعل هو ذكر) . [3] ويلزم أهل الذكر، ليكونوا من أهل الثناء، والشرف، والرفعة حقيقية، أن يكونوا أهل فكر، وعظة، واعتبار، وعمل صالح، كالصلاة، والجهاد، وذكر الله بالقلب، واللسان، وذكر الله بتلاوة القرآن، وحفظه، وتدبره، ومعرفة بيانه، وأخباره، وذكر الله بالدعاء والتسبيح، والشكر، والثناء على الله تعالى.

هذا، وذكر الله واسع سعة معاني الدين، وشموله لشؤون الحياة كلها، كما نجد في الهدي النبوي، الأنموذج، والقدوة الحسنة. وقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم ، كلها ذكرا، إذ كان يذكر الله في جميع أحيانه.

وهكذا كان فقه الصحابة..وهذه واحدة من الصحابيات الجليلات، كمثال على هذا الفقه: فعن أم الدرداء أنها قالت في تفسير قوله تعالى: ( ولذكر الله أكبر ) (العنكبوت: 45 ) .

فإن صليت، فهو من ذكر الله.

وإن صمت، فهو من ذكر الله.

وكل خير تعمله، فهو من ذكر الله.

وكل شر تجتنبه، فهو من ذكر الله.

وأفضل الذكر، تسبيح الله. [4] . [ ص: 66 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية