الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

المستقبل للإسـلام

الدكتور / أحمد علي الإمام

منشأ البشرية

يرجع البشر كلهم إلى أصل واحد، تفرعوا عنه، ونفس واحدة، خلقوا منها: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) (النساء: 1) .. والقرآن يذكرنا بهذا الأصل، الذي تفرعت عنه الشعوب والقبائل، ليتعارف الناس فيما بينهم، ويتواصلوا: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) (الحجرات: 13) .. وتقريرا لهذا الأصل، قال عليه الصلاة والسلام ، في خطبة الوداع: ( يا أيها الناس إن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ) [1] وأصل الدين واحد، من عند الله جل جلاله ، أنزل الكتب على رسله الكرام، الذين تعاقبوا مبشرين ومنذرين، يدعون إلى توحيد الله.. والإيمان بهم جميعا، واجب، دون تفرقة بينهم، لقوله تعالى: ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ) (البقرة: 285) ، ولقوله أيضا: ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) (البقرة: 136) [ ص: 146 ]

اختلاف الناس

وقد قدر الله تعالى، أن يكون بين البشر، اختلاف في الدين: ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) (هو: 118-119) . وهذا ما يخبرنا به الخلاق العليم جل جلاله : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) (الملك: 14) .

وتبعا لذلك، فللناس حرية الرأي، والفكر، والاختيار للعقيدة، التي يعتقدونها: ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) (الكهف: 29) ، وليس لأحد، ولا قوة، أن تكره فردا، أو جماعة، على دين، يقول تعالى: ( لا إكراه في الدين ) (البقرة: 256) .

وهي مشيئة الله القاضية، أن يترك الناس واختيارهم الحر، وما يدينون: ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) (يونس: 99) .

التالي السابق


الخدمات العلمية