الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

المستقبل للإسـلام

الدكتور / أحمد علي الإمام

الخطر المخيف

خطر الصراع بين الحضارات الإسلامية والحضارات الأخرى، يكون محدودا لو بقي المسلمون معتصمين بدينهم، متميزين بأصالتهم، ولكن فقدان هذا، هو النذير بالخطر، لأنه يعني فقدان الانتماء والإحساس بالذات.. والسلمون إنما يدركون ذاتهم من طريقين:

(أ) من طريق وحدتهم، التي تكونها المفاهيم، والتعاليم، والقيم المشتركة.

(ب) ومن طريق مخالفتهم للآخرين، والتي تنشأ عن المغايرة، والمفارقة في الاعتقاد، والعبادة، والإخلاص.

وهذا التمييز والتمايز، الذي يجب أن يبقى، هو الأمانة التي تلقاها كل جيل عمن قبله، ولا بد أن يحملها إلى من يجيء بعده، ليبقى مستعرا، متقدا، يواجه كل التحديات، والحضارات، على مر الأزمان، إلى يوم تبديل الأرض غير الأرض والسموات. [1] فإن فقد هذا الإحساس، وزال هذا التمييز، واجهنا خطرا أكبر، يتهدد أصالتنا، ويهد أركان بقائنا.

[2] ذلك الخطر، يتمثل في تقليدنا، وتبعيتنا للملل، والحضارات الأخرى، [ ص: 47 ] وقد حذر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من خطورة التقليد والتبعية لغيرنا، فقال: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذرعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) ، وقد ورد هذا الحديث بروايتين، بإحداهما: قالوا: اليهود والنصارى ؟ وفي الأخرى قالوا: الفرس والروم؟ فأقرهم... [3] إذ حيث كان تقليدهم في العبادات، كانت الإشارة إلى اليهود والنصارى، وحيث كان تقليدهم في الحضارة، والثقافة، كانت الإشارة إلى الفرس والروم.

التالي السابق


الخدمات العلمية