الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

المستقبل للإسـلام

الدكتور / أحمد علي الإمام

أولا: معاني القنوت في اللغة

قنت * القنوت:

يرد القنوت في لسان العرب، على المعاني التالية

1- الإمساك عن الكلام، والسكوت.

2- الدعاء والتسبيح.

3- الصلاة.

4- الدعاء في الصلاة.

5- الخشوع والإقرار بالعبودية.

6- القيام.

7-إطالة القيام.

8- القيام بالطاعة، التي ليس معها معصية. [ ص: 92 ]

فيصرف في كل واحد من هذه المعاني، إلى ما يحتمله اللفظ في سياقه، من آية، أو حديث، أو عبارة.

(أ) قال ابن سيده ، فيما نقله عنه ابن منظور ، في كتابه: (لسان العرب) : القنوت الطاعة، هذا هو الأصل، ومنه قوله تعالى: ( والقانتين والقانتات ) (الأحزاب: 35) ، ثم سمى القيام في الصلاة قنوتا، ومنه قنوت الوتر.. والقانت: المطيع.

القانت: الذاكر لله تعالى، كما قال عز وجل : ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما ) (الزمر: 9) .

وقيل: القانت: العابد.

والقانت في قوله عز وجل : ( وكانت من القانتين ) (التحريم: 12) ، أي من العابدين.

والمشهور في اللغة، أن القنوت الدعاء. وحقيقة القانت أنه القائم بأمر الله، فالداعي إذا كان قائما، خص بأن يقال له: قانت، لأنه ذاكر لله تعالى، وهو قائم على رجليه.. فحقيقة القنوت: العبادة، والدعاء لله عز وجل ، في حال القيام، ويجوز أن يقع في سائر الطاعة، لأنه إن لم يكن قياما بالرجلين، فهو قيام بالشئ بالنية.

قال ابن سيده: والقانت القائم بجميع أمر الله تعالى [1] (ب) وجاء في مفردات الراغب الأصفهاني، في تفسير معنى القنوت، أنه:

لزوم الطاعة مع الخضوع، وفسر بكل واحد منهما في قوله:

1- ( وقوموا لله قانتين ) (البقرة: 238) ، وقوله تعالى: ( كل له قانتون ) (البقرة: 116) ، (الروم: 26) ، قيل: خاضعون، وقيل: طائعون.

2-وقيل: ساكتون، ولم يعن به كل السكوت، وإنما عنى به ما قاله عليه الصلاة والسلام : « إن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الآدميين، إنما هي قرآن وتسبيح » ، [ ص: 93 ] وعلى هذا قيل: أي الصلاة أفضل ؟ فقال: ( طول القنوت ) ، أي الاشتغال بالعبادة، ورفض كل ما سواه. وقال تعالى: ( إن إبراهيم كان أمة قانتا ) (النحل: 120) ، ( وكانت من القانتين ) (التحريم: 12) ، ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما ) (الزمر: 9) ، ( اقنتي لربك ) (آل عمران: 43) ، ( ومن يقنت منكن لله ورسوله ) (الأحزاب: 31) ، ( والقانتين والقانتات ) (الأحزاب: 35) ، ( فالصالحات قانتات ) (النساء: 34) [2] (ج) وفي زاد المعاد [3] : أن القنوت يطلق على القيام، والسكوت، ودوام العبادة، والدعاء، والتسبيح، والخشوع، كما قال تعالى: ( وله من في السماوات والأرض كل له قانتون ) (الروم: 26) ، وقال تعالى: ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) (الزمر: 9) .

وقال تعالى: ( وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) (التحريم: 12) ، ( وقال صلى الله عليه وسلم : أفضل الصلاة طول القنوت ) [4] ، ( وقال زيد بن أرقم : لما نزل قوله تعالى: ( وقوموا لله قانتين ) (البقرة: 238) ، أمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام ) [5] ، وقد نظم الشيخ الحافظ زين الدين العراقي ، معاني القنوت، على ما يلي [6] : -


ولفظ القنوت أعدد معانيه تجد مزيدا على عشر معاني مرضية     دعاء، خشوع، والعبادة طاعة
إقامتها إقراره بالعبودية     سكوت، صلاة، والقيام، وطوله
كذاك دوام الطاعة الرابح القنية

[ ص: 94 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية