الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 1156 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن أبي طالب ، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء ، أخبرنا الأخضر بن عجلان ، حدثني أبو بكر [ ص: 421 ] الحنفي ، عن أنس بن مالك ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فشكا إليه الفاقة ثم رجع ، فقال : يا رسول الله لقد جئتك من عند أهل بيت ما أراني أرجع إليهم حتى يموت بعضهم قال : فقال له : " انطلق هل تجد من شيء " . قال : فانطلق فجاء بحلس وقدح ، فقال : يا رسول الله ، هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه ويكتسون بعضه ، وهذا القدح كانوا يشربون فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يأخذهما مني بدرهم ؟ " . فقال رجل : أنا يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يزيد على درهم ؟ " . فقال رجل أنا آخذهما باثنين ، فقال : " هما لك " . فدعا الرجل فقال له : " اشتر بدرهم فأسا وبدرهم طعاما لأهلك " . قال : ففعل ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " انطلق إلى هذا الوادي فلا تدع حاجا ولا شوكا ولا حطبا ولا تأتني خمسة عشر يوما " . قال : فانطلق فأصاب عشرة قال : " فانطلق فاشتر بخمسة طعاما لأهلك ، وبخمسة كسوة لأهلك " . فقال : يا رسول الله لقد بارك الله لي فيما أمرتني فقال : " هذا خير من أن تجيء يوم القيامة وفي وجهك نكتة المسألة ، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة : لذي دم موجع ، أو غرم مفظع ، أو فقر مدقع " .

قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : وفي هذا الحديث أمر بالكسب ونهي عن المسألة عند القدرة على الكسب وفي هذا المعنى ما روينا في كتاب السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي " [ ص: 422 ] [ ص: 423 ]

وفي حديث آخر : " لا حق فيها لغني ولا لذي قوة مكتسب " .

ولو لم يلزمه الكسب ليرد على نفسه حاجتها لما حرمت عليه الصدقة عند القدرة على الكسب .

وقد روينا عن سيد المتوكلين ورسول رب العالمين " أنه كان يحبس مما أفاء الله عليه قوت سنة ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله تعالى " .

وروينا عنه صلى الله عليه وسلم " أنه ظاهر يوم أحد بين درعين " [ ص: 424 ]

ودخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر .

وروينا أنه احتجم من وثأ كان به [ ص: 425 ]

وروينا عنه ، أدوية أمر بها .

وأنه قال : " تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا الهرم .

وأمر بالاسترقاء وأذن فيها .

وقال : " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه " .

وفي حديث أبي خزامة ، عن أبيه ، أنه قال : يا رسول الله أرأيت دواء نتداوى بها ورقى نسترقيها ، وتقى نتقيها هل ترد ذي من قدر الله من شيء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه من قدر الله "
[ ص: 426 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية