الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 1219 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني علي بن محمد الرازي ، قال : كان أبو عثمان ، يقول في مواعظه : " يا عبد الله فيما ذا تتعب قلبك ؟ وتنازع إخوانك ، وتعادي على طلب الرياسة والعز أشكالك وأخدانك ؟ وتعمل في هلكة حسناتك بالحسد لمن هو فوقك ؟ كأنك لم تؤمن بمن أخبر أنه يعز من يشاء ، ويذل من يشاء ، ويؤتي الملك من يشاء ، وينزع الملك ممن يشاء ؟ فاستعمل العلم في ظاهرك إن كنت تاجرا أو كاسبا أو زارعا ، وأجمل في الطلب ، واترك الحرام والشبهات جميعا ، فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وحظها من عزها ورياستها ورزقها ، ولو هرب العبد من رزقه لأدركه رزقه ، كما لو فر من الموت ، [ ص: 458 ]

قال : واليقين لا يمنع الموقنين من طلب الحظ الوافي من الدنيا ، وإنما يدل على ترك الفضول رضا بالقليل ، وزهد في الكثير اتباعا لرسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم ، ولأصحابه فإنهم أئمة المتوكلين ، والزاهدين مع ما وصفنا من الأمن بما لك ، والإياس مما ليس لك ، وإن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، ومن زعم أن اليقين يمنع طلب القوت والكفاف فقد جهل اليقين وخالف سنن السلف الصالحين ، فقد تقدم في ذلك مع صدق التوكل الأنبياء وأتباعهم ، وخلافهم خلاف الحق ، وموافقتهم موافقة الحق والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية