الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 3308 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، أن أبا الزبير أخبره : أن جابر بن عبد الله أخبره : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "قال ربنا : الصيام جنة ، يستجن بها العبد من النار ، وهو لي وأنا أجزي به " .

قال الشيخ أحمد رحمه الله : وقوله : "الصوم لي ، وأنا أجزي به " فمعناه - [ ص: 204 ] والله أعلم - : أنا العالم بجزائه ، والمالك له وليس ذلك مما أخبرتكم به من أن الحسنة بعشر أمثالها ، وأن مثل النفقة في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، لكن جزاء الصوم يجل عن هذا كله ، وأنا أعلم به ، وإلي أمره .

وهذا لأن كل عمل يعمله ابن آدم من الطاعات فإنما هو تبرر لا ينقص من بدنه شيئا إلا الصيام فإنه تفريض من الصائم نفسه للنقصان الذي قد يقف ، وقد يؤدي إلى الهلاك ، فالصائم بصيامه مؤثر للرجوع إلى ربه ، مستسلم لذلك ، فينشرح الصدر له ، وكان صومه له - عز اسمه - من هذا الوجه .

وأما قوله : "للصائم فرحتان ، فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه " : فمعناه - والله أعلم - : فرحة عند إفطاره بما يجب له من الثواب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل وبأن أذن له في الإفطار ولم يأذن له في وصل الليل بالنهار ، فيتعجل هلاكه ، وإنما جاء في الحديث من : أن للصائم عند فطره دعوة مستجابة ، وفرحة يوم القيامة . بما يصل إليه من الثواب والجزاء .

وأما الخلوف فإنما جعله أطيب عند الله من ريح المسك ليبين أنه وإن كان في الطباع من باب الأذى فإنه عند الله - عز وجل - مرضي لا ينبغي إزالته بالسواك ، وغيره ، كما لا يزال دم الشهيد عنه بالغسل ، وأنه يثاب على الصبر عليه كما يثاب على الصبر عن الطعام والشراب والله أعلم .

وقد حكي عن ابن عيينة في قوله "الصوم لي " كما .

التالي السابق


الخدمات العلمية