الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 3703 ] وأخبرنا أبو ذر بن أبي الحسين بن أبي القاسم المذكر وأبو الحسن علي بن محمد المقرئ قالا حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق المهرجاني ، أخبرنا محمد بن أحمد بن [ ص: 451 ] البراء ، حدثنا عبد المنعم بن إدريس ، حدثني أبي ، عن جده - أبي أمه وهب بن منبه اليماني - قال : لما تاب الله على آدم ، وأمره أن يسير إلى مكة ، فطوى له الأرض حتى انتهى إلى مكة ، فلقيته الملائكة بالأبطح ، فرحبت به ، وقالت له : يا آدم إنا لننتظرك بر حجك ، أما إنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام .

وأمر الله جبريل عليه السلام فعلمه المناسك والمشاعر كلها ، وانطلق به حتى أوقفه في عرفات والمزدلفة وبمنى وعلى الجمار ، وأنزل عليه الصلاة والزكاة والصوم والاغتسال من الجنابة .

وذكر وهب أن البيت كان على عهد آدم عليه السلام ياقوتة حمراء ، يلتهب نورا من ياقوت الجنة ، لها بابان شرقي وغربي من ذهب من تبر الجنة ، وكان فيها ثلاث قناديل من تبر الجنة ، فيها نور يلتهب بابها ، منظوم بنجوم من ياقوت أبيض ، والركن يومئذ نجم من نجومها ياقوتة بيضاء . فلم يزل على ذلك حتى كان في زمان نوح عليه السلام .

وقال في موضع آخر : إن خيمة آدم - وهي الياقوتة - لم تزل في مكانها حتى قبض الله آدم ، ثم رفعها إليه ، وبنى بنو آدم في موضعها بيتا من الطين والحجارة ، فلما يزل معمورا حتى زمن الغرق ، فرفع من الغرق ، فوضع تحت العرش ، ومكثت الأرض خرابا ألفي سنة ، فلم يزل على ذلك ، حتى كان زمن إبراهيم عليه السلام ، فأمره أن يبني بيته فجاءت السكينة إبراهيم عليه السلام كأنها سحابة ، فيها رأس يتكلم ، لها وجه كوجه الإنسان ، فقال يا إبراهيم ، خذ قدر ظلي فابن عليه ، لا تزد شيئا ، ولا تنقص . فأخذ إبراهيم قدر ظلها ، ثم بنى هو وإسماعيل البيت ، ولم يجعل له سقفا ، فكان الناس يلقون فيه الحلي والمتاع ، حتى إذا كاد أن يمتلئ اتعد له خمس نفر ليسرقوا ما فيه ، فقام كل واحد على زاوية ، وانقحم الخامس فسقط على رأسه فهلك ، وبعث الله عند ذلك حية بيضاء ، سوداء الرأس والذنب ، حرست البيت خمسمائة عام ، لا يقربه أحد إلا أهلكته ، فلم يزل كذلك حتى بنته قريش .

قال : وذكر عن عطاء ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، سأل كعبا ، فقال : [ ص: 452 ] أخبرني عن هذا البيت ، ما كان أمره ؟ فقال : إن هذا البيت أنزله الله من السماء ياقوتة مجوفة مع آدم عليه السلام ، فقال : يا آدم إن هذا بيتي ، فطف حوله ، وصل حوله ، كما رأيت ملائكتي تطوف حول عرشي ، وتصلي ، ونزلت معه الملائكة ، فرفعوا قواعده من حجارة ، ثم وضع البيت على القواعد ، فلما غرق الله قوم نوح رفعه الله ، وبقيت قواعده .

وذكر وهب أنه قرأ كتابا من الكتب الأولى وجد فيه ذكر أمر الكعبة فذكر أنه ليس من ملك يبعثه الله إلى الأرض إلا أمر بزيارة البيت ، فينقض من عند العرش محرما يلبي حتى يستلم الحجر ، ثم يطوف بالبيت أسبوعا ، ثم يدخل البيت ، فيركع في جوفه ركعتين ثم يصعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية