الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل "في ليلة القدر " .

قال الله عز وجل : بسم الله الرحمن الرحيم : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) إلى آخر السورة .

قال الحليمي رحمه الله : ومعنى ليلة القدر الليلة التي يقدر الله تعالى لملائكته جميع ما ينبغي أن يجري على أيديهم من تدبير بني آدم : محياهم ومماتهم إلى ليلة القدر من السنة القابلة ، وكان يدخل في هذه الجملة أيام حياة النبي صلى الله عليه وسلم أن يقدر فيها ما هو [ ص: 253 ] منزله من القرآن إلى مثلها من العام القابل . وإنما قيل "ليلة القدر " - بتسكين الدال - لأنه لم يرد به ليلة القضاء ، فإن القضاء سابق ، وإنما أريد به تفصيل ما قد جرى به القضاء وتجديده ليكون ما يلقى إلى الملائكة في السنة مقدرا بمقدار يحصره علمهم .

وقال الله عز وجل في وصف هذه الليلة : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) .

أي مباركة فيها لأولياء الله ، فإنما جعلت خيرا من ألف شهر إذا أحيوها وقدروها ، وقطعوها بالصلاة وقراءة القرآن والذكر دون اللغو واللهو . ثم قال : ( إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم ) .

أي كل أمر مبني على السداد والحكمة . "حكيم " بمعنى محكم .

وقيل معناه : "يفرق كل أمر حكيم " أي يفصل أجزاء القرآن ويفرق ، فيكون ذلك الفصل وذلك الفرق أمرا حكيما .

وقيل أيضا "ليلة القدر " لتقدير ما ينزل من القرآن فيها إلى مثلها من السنة القابلة فقط ، فأما سائر الأمور التي تجري على أيدي الملائكة من تدبير أهل الأرض فإنما تبين ليلة النصف من شعبان .

[ 3386 ] أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي ، حدثنا أبو الربيع ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن منصور ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) [ ص: 254 ]

قال : أنزل الله عز وجل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ، فكان بموقع النجوم وكان الله ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في أثر بعض ثم قرأ : ( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ) .

[ 3387 ] وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، أخبرنا جعفر بن عون ، أخبرنا سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله عز وجل : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) قال : في ليلة الحكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية