الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي

نخبة من المفكرين والكتاب

واقع الإعلام الدولي المعاصر

إن أبرز ما يميز واقع الإعلام في عالم اليوم أنه يتسم بما يسميه علماء الاتصال والباحثون الإعلاميون بـ ( الاختلاف الإعلامي ) بين دول العالم وشعوبه. ويتمثل هـذا الاختلاف في عدد من المظاهر البارزة من أهمها :

1- احتكار الغرب لصناعة تقنية المعلومات ، والاتصال والإعلام ، وهي [ ص: 46 ] ما تسمى بأوعية الاتصال وأدواته. 2- سيطرة وكالات الأنباء الخمس الكبرى على الساحة الإعلامية من حيث استقاء الأنباء وتوزيعها على النطاق الدولي، حيث يحصل العالم على أكثر من 80% من أخباره من لندن ، وباريس ، ونيويورك ، وموسكو . وهذه الوكالات هـي: رويتر البريطانية ، ووكالة الصحافة الفرنسية ووكالتا الأسيوشيتد برس واليونايتد برس انترناشونال الأمريكيتان، ووكالة تاس السوفيتية . ويتمثل الاختلال هـنا في الأخبار المتبادلة بين العالم الصناعي ، والعالم النامي ، إذ تخصص هـذه الوكالات الخمس ما بين 10% -30% فقط من أخبارها للعالم النامي كله !! 3- تميز التبادل الإخباري -أو التدفق- بين الدول الصناعية والدول النامية باختلال نوعي -إضافة إلى الاختلال الكمي - إذ أن نوعية الأخبار التي تبثها الوكالات الخمس الكبرى عن العالم الثالث تركز على الجوانب السلبية، كالكوارث، والاضطرابات، والقلاقل ونحوها، تبعا للمفهوم الغربي للخبر. وهو ما عبر عنه أحدهم بقوله: ( إذ عض كلب رجلا فليس ذلك بخبر، ولكن إذا عض رجل كلبا فذلك هـو الخبر ) . 4- هـيمنة المادة الإعلامية الغربية، والمضمون البرامجي المنتج في بيئات غربية على النطاق الدولي. وتتضح هـذه الهيمنة في المجال التليفزيوني من خلال سيطرة أربع شركات غربية رئيسة، هـي وكالة الأخبار المصورة البريطانية ، واليونايتد برس ، والنيوزفيلم الأمريكيتان، والوكالة الألمانية على مجال الأخبار التليفزيونية المصورة. كما تتضح من خلال حجم الأفلام والبرامج والمسلسلات والمواد الإعلامية التي تبيعها الدول الغربية - والولايات المتحدة بشكل خاص- لدول العالم.. فشركة ( سي بي اس - CBS ) الأمريكية مثلا، توزع برامجها وأفلامها في 100 دولة في [ ص: 47 ] العالم. بينما تصل شركة ( أي بي سي -ABC ) إلى 60% من تليفزيونات العالم. وقد حدت هـذه الظاهرة الباحث البريطاني ( جيرمي تنستال - J.Tunstall ) إلى تأليف كتاب هـام أسماه ( أمركة الإعلام ) يحلل فيه ظاهرة ( أمركة العالم تليفزيونيا ) ، كما ألف الباحث الأمريكي ( هـربرت شيلر -H. Schiller ) كتابه الشهير والمثير ( الاتصال الجماهيري والامبراطورية الأمريكية ) . 5- توظيف العديد من القوى الدولية لوسائل الإعلام لخدمة أغراضها وأهدافها الأيديولوجية والسياسية والثقافية. ففي مجال الإذاعة المسموعة فإن الدول الصناعية الكبرى تتحكم في 90% من الموجات الإذاعية في العالم. وتقوم وكالة الاستعلامات الأمريكية بنشاط إعلامي واسع النطاق على المستوى الدولي من خلال إنشاء المراكز الإعلامية ( 187 مركزا في 111 دولة ) وإنتاج الأفلام السينمائية وتوزيعها ( 200 فيلم سنويا ) ، وتوزيع أفلام الفيديو ( 200 فيلم سنويا ) ، ونشر المكتبات التابعة لها، وبث ما بين 6 و10 آلاف كلمة إخبارية إلى العديد من صحف العالم ومجلاته. هـذا بالإضافة إلى استخدام إذاعة ( صوت أمريكا ) الموجهة التي تذيع أكثر من ألف ساعة في الأسبوع بـ 42 لغة في العالم، وتهدف إلى بث الأخبار التي تعبر عن الوجهة الأمريكية، وتوضيح السياسة الأمريكية، والترويج لنمط الحياة الأمريكية ورموزها وتقاليدها. بالمقابل يوظف الاتحاد السوفييتي وسائل الإعلام لخدمة أهدافه الأيديولوجية والسياسية من خلال العديد من النشاطات. وكان ( لينين ) من أوائل من أدركوا خطورة الراديو وقدرته على تجاوز الحدود وبث الأفكار، وكان يسميه ( صحيفة بلا ورق ولا تعرف شيئا اسمه الحدود ) ويذيع ( راديو موسكو ) -الذي يحتل المرتبة الأولى بين الإذاعات الموجهة في العالم في عدد ساعات البث- حوالي 2200 ساعة في الأسبوع بـ 81 لغة ولهجة في العالم. [ ص: 48 ] 6- استغلال وسائل الإعلام من قبل العديد من أصحاب الأديان والعقائد الفاسدة والاتجاهات الفكرية ، وتسخيرها لخدمة أغراضهم. فمؤسسات التنصير وجمعياته، تمتلك العديد من المحطات الإذاعية والتليفزيونية والصحف والمجلات ، ومراكز الإنتاج والتوزيع الإعلامي. وتبث ( إذاعة الفاتيكان ) -التي أهداها ( ماركوني ) للبابا سنة 1931 م- برامجها عبر ست موجات قصيرة، وتصل إلى كثير من أنحاء العالم بـ 30 لغة. وتفيد الإحصاءات أن هـناك أكثر من 40 محطة نصرانية في العالم تبث أكثر من ألف ساعة أسبوعيا لنشر أفكار النصرانية ومبادئها، وتسخر الصهيونية العديد من الوسائل الإعلامية للترويج لمبادئها وأفكارها، إذ تمتلك أكثر من 954 صحيفة ومجلة، تصدر في 77 دولة، ومنها 244 في الولايات المتحدة ، 348 في أوروبا ، 118 في أمريكا اللاتينية ، و42 في أفريقيا ، و30 في كندا ، وخمس صحف في تركيا ، وثلاث صحف في الهند ، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من دور النشر والتوزيع، ومحطات الإذاعة والتليفزيون والمؤسسات المسرحية وشركات الإنتاج السينمائي. هـذا فضلا عن سيطرة اليهود على العديد من المحطات والشركات والصحف والمجلات في العديد من دول العالم.

أما ( إذاعة صوت إسرائيل ) فتضم خمس محطات، وتذيع على خمس عشرة موجة عبر ست عشرة لغة عالمية ومحلية، وتقدر مدد البث بـ 276 ساعة في الأسبوع.

التالي السابق


الخدمات العلمية