دور التنمية الثقافية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة
ونتجاوز العناصر السلبية في مواقف بعض مؤسساتنا وجماعتنا، التي لا تلبث أن تزول بنهضة الأمة، نهضة شاملة، بكل عناصر الحضارة، الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، وهي جوانب يعزز بعضها بضعا، ويقويها، لتسهم جميعا في صياغة مستقبل الحضارة الإسلامية.
فالحضارة الإسلامية، هي حضارة أمة منتجة عاملة.. معتنية بالتنمية، والاعتماد على الذات، مع تفضيل للاستثمار الزراعي، لكونه أكثر بركة، ونفعا، وأعظم تحقيقا للأمن الغذائي، وحرية القرار، والاستقلال.. وفي تقدير العمل، وأهمية تداول المال، واستثماره، [ ص: 57 ] بلغ فقهاؤنا مبلغا عظيما، حتى إن بعضهم قال فيمن ضاع له مال، أن يبذل مثله إن لزم إيجارا في استخراجه، حتى لا يعطل تداوله بين الناس.. ومن الفقه، قطع الصلاة حفاظا على روح متقوم.
والتوجيهات النبوية، تحض على العمل والإنتاج، ( يقول صلى الله عليه وسلم : إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها ) . [1] وقد سلكت بلادنا الإسلامية، مذاهب شتى في التنمية، ولكن فشلت كل محاولة في التنمية الاقتصادية، أو الاجتماعية، لكونها معزولة عن أصالة وتراث أمتنا..إذ لا سبيل إلى نهضة أمتنا، وسيادة حضارتنا، إلا بالتماس الهدى من شرع الله.
وما دامت هذه نظرة الحضارة الإسلامية، للتنمية والإنتاج، فإنها إذا تقوم على أمور، هي:
أولا: إن الإسلام يعارض جمع الثروات في يد واحدة، أو أيد معدودة، دون الناس، لذلك نادى القرآن بتوزيع الثروات، من الفيء ، والغنيمة ، والزكاة، والخراج ، والعشور ، والتركات بين أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع: ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء ) (الحشر: 7) .
ثانيا: الأرض لمن يحييها، لمحاربة الإقطاع، الذي كان يأخذ الأرض كلها، نظير ضرائب صغيرة.
ثالثا: الملكية الحقيقية لله، كما في أكثر من عشرين، آية في القرآن، نذكر منها: قوله تعالى: ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) (الحديد: 7) .
وقوله تعالى: ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) (النور: 33) .
وقوله تعالى: ( ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) (الطلاق: 7) . [ ص: 58 ]
أما الحضارة الغربية، فإن نظرتها للثروة، والمال، تقوم على الرأسمالية ، التي تعطي للمالك الحرية المطلقة، من حيث إنه هو المالك الحقيقي، الذي أوتي على علم عنده، ولا علاقة لله بماله.