أبعاد الفكر الكلامي
عند الشاطبي وابن خلدون
إن التطور التاريخي للعلوم الإسلامية يسجل بقوة حضور البعد العقدي في الكتابات العلمية لمفكري الإسلام، ولذلك يندر، أو على سبيل القطع يعدم وجود أحد من العلماء مجردا عن رؤية عقدية، من الرؤى والاتجاهات المعروفة عبر تاريخ علم الكلام، وحتى الذين سلكوا منهم طريقا مجانبا للبحث في العلوم الأكثر ارتباطا بعلوم الشريعة كالفقه وأصوله والحديث..، يشملهم هذا الحكم، كابن خلدون مثلا، الذي اشتهر بالكتابة التاريخية والعمرانية.
وقد تردد أكثر من باحث في تحديد الاتجاه الكلامي لكل من الشاطبي وابن خلدون، كأحمد الطيب [1] الذي احتار في إلحاق أبي إسحاق بإحد الاتجاهات المعروفة، والحيرة نفسها تملكت عمر فروخ [2] في تصنيف الفكر الكلامي لابن خلدون.
يأتي هذا المبحث للنظر في مدى كلامية الشاطبي وابن خلدون وحدود تلازم الارتباط الكلي بتلك التصنيفات التقليدية، وللبحث في أبعاد التداخل العلمي بين علم الكلام من جهة وعلمي أصول الفقه وأصول التاريخ من جهة ثانية، ثم في نطاقات الاستصحاب العقدي في دراسات كل من الشاطبي وابن خلدون. [ ص: 58 ]