الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              2- التعليل:

              يربط بين هذه المسألة والتي سبقتها ميثاق دقيق؛ لأن القول بالتحسين والتقبيح العقليين، أو عدم القول بهما سيتفرع عنه النظر في الأحكام الشرعية، وأفعاله جل وعلا بأنها معللة، أو غير معللة.

              أما القائلون بالحسن والقبـح في الذوات، فـلا يسعهم إلا التـزام مذهب التعليل في أفعال الله تعالى وأحكامه الشرعية، وأن لكل معلول علة، [ ص: 66 ] وعليه وجب تعـليل أفعالـه وأحـكامه، وأنه لا يمكن أن يصـدر عنه فعل أو حكم إلا معللا بعلة أو غرض. "وخلاصة استدلالهم: أنه لولم تكن معللة لزم العبث عليه تعالى، وهو منفي باتفاق، ولزم أن لا يقع الفعـل لانتفاء الداعي على القول بعدم التعليل، والداعي شرط لا بد منه في الوقوع، وتسليم المخالف لوجود الحكم، وأنها غير باعثة ومقصودة، يترتب عليه أن يكون نظام العالم ومحاسن الشريعة كلها اتفاقية، وفيه من إلحاق النقص بالباري جل وعلا ما لا يخفى" [1] .

              أما الأشاعرة فمنع تعليل الأحـكام مـذهبهم، على سبيـل الإجمال، أما تفصيلا فإن بعضهم لا ينكر التعليل على سبيل الجواز، وتجنبا للسقوط في مذهب أهل الاعتزال القائلين بوجوبه، وبعضهم الآخر ينفيه، ويجعله ضربا من المحال تحاشيا للزلل والتقاطع مع ضرورة الحاجة إلى "الغير" في الاستكمال، يقول مصطفى شلبي: "وذهب الأشاعرة كلهم أو بعضهم إلى منع التعليل، على معنى استحالته أو عدم وجوبه، كما اختلف النقل والترجيح عندهم، فمن قائل: حقيقة المذهب أنه لا يجب التعليل؛ لأنه في مقابل قول المعتزلة بالوجوب، ومقتضى هذا أنه يجوز، وهو ما عبر عنه بعضهم بأنها معللة تفضلا وإحسانا، ومن قائل: إن مذهبهم استحالة التعليل كما نطقت به بعض الأدلة من لزوم الاستكمال بالغير، وهذا كما يلزم التعليل يلزم جوازه" [2] . [ ص: 67 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية